لمبنة سياسية يسارية : كاهو عاد.. ما بقى كان التشليك..

بدون مشاريع لتفسير وتغيير الواقع.. ويستأسدون

اليسار الحالي .. سوى الحزب الشيوعي سابقا... تشكل إنطلاقا من نهاية الستينات من القرن الماضي.. في حلقات سكتارية من البورجوازية الصغيرة أغلبهم طلبة... تتصارع فيما بينها على القيادة لتمثيل البروليتاريا دون سواها.. ولعزل البقية عن هذه القيادة...باستعمال التصنيف على خلفية أيديولوحبات تتمثل في الترويج لدعاية أنظمة كانت تتصارع فيما بينها على قيادة الحركة الثورية في العالم... وانقرضت اليوم.. أو تحولت إلى رأسمالية استبدادية على شعوبها... مثل روسيا والصين اللإمبرياليات التوسعية..

ومنذ التأسيس... وإلى اليوم.. لم تطرح البدائل البرامجية لتغيير الواقع.. ولم تنغرس في الطبقة العاملة..ولا لدى الفئات الشعبية المضطهدة... ولم تتحول إلى تنظيمات جماهيرية... وبقيت تتصارع فيما بينها لا على برامج... بمقارعة المواقف بالمواقف والحجة بالحجة وطرح البدائل الجدية للسلطة الحاكمة التي تقتنع بها الجماهير العريضة... وإنما بقيت تجتر صراعات ضد بعضها البعض... وكونت الشباب على أساسها..

وبعد الثورة.. تكونت العديد من الأحزاب اليسارية القانونية إضافة لما كان موجود قبل الثورة...تأسيسا على نفس العقليات السكتارية ونفس الرؤى الايديولوجية التي يجترونها .. ودائما بمعزل عن البروليتاريا والفئات الشعبية المضطهدة الذي يدعون قيادتها.. ولا على أساس برنامج سياسي صالح للحكم..ويوحد قوى اليسار.. وتقتضيه المرحلة التاريخية..فأفشلو كل المحاولات التي ذهبت في هذا الإتجاه..

وكل من انتمى لتلك الحلقات والأحزاب.. مارس ذلك.. ومورس عليه... بشكل او بآخر... في فترة انتمائه.. ولا استثني أحدا...ومن بينهم كاتب هذا المقال.. ومن يدعي خلاف ذلك فهو كاذب.. ولا يمكن التعويل على مصداقيته. بل إنه يواصل في نفس النهج الذي يدعي انه يحاربه... إن ادعى ذلك طبعا..

والعديد يواصلون اليوم يتحركون بنفس الممارسات التخريبية لوحدة اليسار على أسس سياسية ديمقراطية... وبنفس العقليات السكتارية والحسابية وحتى العدائية ضد بعضهم البعض.. وضد غيرهم من المناضلين المختلفين معهم..

وما فشل تجربة الجبهة الشعبية إلا الجزء الظاهر من جبل الجليد هذا...فقد استعملتها التنظيمات المنضوية فيها لصالح نفسها وعلى حساب غيرها.. وناورت بكل الوسائل الممكنة وحتى غير الممكنة بعقلية سكتارية فجة.. طيلة حياة التجربة ضد تأسيس الحزب اليساري الجماهيري الكبير على أسس ديمقراطية...رغم انه كان الهدف المعلن من طرفهم للجماهير الشعبية ويعلنونه في الخطابات...منذ التأسيس ...وكان هذا الصنيع السكتاري يمارسه الجميع!!!

وحتى من خرجو من تلك التنظيمات إما بالاستقالة او بالطرد لأنهم خرجو عن الطريق المستقيم ....وبعد خروجهم من التنظيم.... بقى منهم الكثير كما تربى عليه... يجتر نفس التصورات السكتارية الفاشلة تاريخيا .. ويقلدها في رؤيته السياسية والتنظيمية المستقبلية.. لتمثيل البروليتاريا والجماهير الشعبية حسب أحلامه.. وقيادتها دون غيره.

فعندما تتمعن في ما يطرحوه من مشاريع مستقبلية... تجد انهم لم يستخلصو العبر من مشاركتهم في الفشل والصفر فاصل...بل إنهم يذكرونك في شبابك الثورجي...وتجدهم يقلدون نفس المشروع الذي خرجو منه رغم انهم ينتقدوه لعدم النجاح في قيادته عوض مؤسسيه بدفعهم خارجه والحلول محلهم... ويتضح ذلك من اجترارهم لنفس التصورات السياسية والتنظيمية الفاشلة ... ولمحورته حول انواتهم ...لإعادة استنساخها...

وهم بفعلون ذلك.. رغم انهم يروجون ان تجربتهم السابقة كانت فاشلة...فينسبوها فقط للآخرين...وكأنهم لم يكونو من أعمدتها.. وكأنهم يريدون إعادة نفس التاريخ بقيادتهم...بالتخلص من سابقيهم... ولذلك هم سيفشلون أيضا ...وهذا لا محالة..

فنفس التجارب المقارنة لدى الشعوب الأخرى..في هذا العصر... اوصلت للفشل المتكرر.. والإنعزال المتواصل عن الجماهير الشعبية... والصفر فاصل.... وهذا بدون استثناء.. ويجب القول ان ذلك مدعاه الجوهري...ان العديد منهم لا يؤمن في قرارة نفسه بقيم المواطنة العصرية التي تتوق لها كل الشعوب المضطهدة.. ولا يلتزم بها لأنه يحمل قناعات جزء منها شمولي .. وهم لا يؤمنون حتى بقيم حقوق الإنسان الكونية وبشموليتها وترابطها... فترى الكثير منهم يناهض او ينتهك بعضها..

ولا بأن كل تلك الحقوق لكل الناس...فترى العديد منهم استئصاليون في مواقفهم ويروجون لذلك... مثلهم مثل المستبدين من مختلف التوجهات الفكرية... وبالتالي ليس من الغريب.. أن تجد العديد منهم... يساند انقلاب شعبوي شمولي استبدادي ضد مكتسابات الثورة الديمقراطية...وإن لما يسانده... فلم يعارضه...

وذلك لأنهم عجزو على استيعاب ان حقوق المواطنة وحقوق الإنسان تتمتع بها الطبقات الحاكمة طبق ما تحدده لها قياداتها السياسية في الحكم... وتحرم منها الطبقات الشعبية التي تحكمها.... خصوصا في ظل الأنظمة الإستبدادية... وان المطالبة بها للجميع.. هو لصالح تلك الطبقات والفئات الشعبية المحرومة منها…

وقد بينت الثورات الشعبية الأخيرة المتتالية انها في محور مطالبها... كما يحدث الآن في إيران... وقبلها في البلدان العربية.َ..وغيرها..

وعجزو على استيعاب ولحد هذا اليوم.. ورغم فشل الأنظمة التي دُمغجو بدعايتها... انه توجد في كل مجتمع بالضرورة طبقات وفئات اجتماعية متناقضة المصالح.. ولها تعبيرات سياسية متناقضة الأطروحات... وتتصارع على السلطة.. وان إستئصالها كتعبيرة سياسية منظمة في الخطاب او بالقمع من موقع السلطة.. لن يضع حدا للصراع الطبقي... بل تكون نتيجته الحتمية دائما إسنادها صفة المظلومين في اذهان الجماهير الشعبية...فتجعل منها البديل السياسي للنظام القائم... وهذا ما لاحظه الجميع بعد سقوط جدار برلين...وفي كل البلدان التي سقط فيها بثورة نظام مستبد ...

فبحيث...وكمظهر من مظاهر الأزمة العميقة... التي أصبحت متعفنة اليوم بسبب انعدام الأمل في التغيير....وسقوط الكثير في تصفية الحسابات الشخصية عوضا عن النقد الذاتي على مشاركته في الفشل.. والتقييم الجماعي الذي يبني للمستقبل.... فقد تدنى النقاش للحضيض.... وتقلصت التحاليل والصراعات السياسية التي تسفر عن بديل ديمقراطي واجتماعي يغير الواقع.. في الواقع.... وليس في أضغاث أحلام أصحابها... وتفاقمت العداوات الشخصية والتشليك...كشكل شائع عوضا عن الصراع السياسي الذي يبني للمستقبل …

حتى انك أصبحت تجد بكثرة ولدى الكثير.. حنقا وكرها شخصيا للآخر.. يتمظهر في التفتين والترييش والإفتراءات وترويج الأخبار الزائفة والشتم والسخرية والإعتداء على الكرامات والعنف اللفظي... وهي كلها ممارسات من سلوكيات اللمبن...

والأغرب من ذلك هو التهديد بالتقاضي المتبادل أمام قضاء يقولون عنه انه خاضع اليوم للتوظيف السياسي من سلطة الأمر الواقع التي يعارضونها.. وهذا صحيح... لكنهم يتعامون بسبب الحقد والضغائن...أنهم سيكونون ضحاياها أجمعين لو فعلو... وكبش فداء لها عن معارضتهم لها.... فيهدون لها أنفسهم بأنفسهم... في طبق من ذهب .

با والله أحوال… وبحيث...لا يمكن لمثل هذا اليسار ان يكون له مستقبل .. وإنجازات.. بمثل تلك العقليات والممارسات…

ويبقي الصراع الطبقي قائما.. رغم انفهم.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات