عدم إدراك تحول الشعبوية.. إلى نظام شمولي ذي جوهر فاشي... خطأ مميت...(1)…

فهذه لم تعد شعبوية فقط...بل تحولت لحكم شمولي ذي جوهر فاشي....منذ 22 سبتمبر 2021 !!! فالشعبوية لما تتمكن من الحكم بواسطة الديمقراطية التمثيلية...وتغير جوهريا أسس الدولة الديمقراطية التي انتخبت فيها... تتحول إلى حكم شمولي ذي جوهر فاشي…

وبالتالي فإن التحالفات الواجبة لمقاومة هذا الحكم الذي يقضي على الأخضر واليابس رويدا رويدا حتى تستبد له الأمور منفردا بكل ما في المجتمع... تختلف تكتيكيا عن تلك التي تحصل زمن الرخاء الديمقراطي في الصراع على الحكم... والخلط بين الإثنين خطأ مميت...سقط فيه الكثير منذ الإنقلاب على دستور ديمقراطي سن للتأسيس لجمهورية ثانية ديمقراطية ذات بعد اجتماعي..

فبحيث طالما أنكم لا زلتم تعيشون في صراعات ما قبل الإنقلاب وتناقضاها الرئيسي...وخصوصا بعد التخلي عن هذا الدستور الذي ينظم التداول السلمي على السلطة والإنقلاب على سلطتيه التشريعية والقضائية التي ينظمها...والشروع في تأسيس نظام حكم شمولي....وقد كان ذلك بمجرد أمر كان على المحكمة الإدارية إيقاف تنفيذه فورا في إنتظار إلغاءه في الأصل... فانتم تائهون عن إكراهات بوصلة تفرض عليكم استحقاقات تكتيكية تكرهونها…

وواصلتم في ذلك رغم توضح بوصلة الإنقلاب...منذ ذلك التاريخ المشؤوم في 22 سبتمبر...تاريخ الإعلان الرسمي عن الثورة المضادة من طرف سلطة الأمر الواقع.... وإن واصلتم في نفس التجاذبات الثانوية وبعضها صبياني...فالكل إلى انقراض...لا محالة...

يا أكارم...وبدون لف ودوران...هذا الموضوع خطير...لأنه يتعلق بمصير البلاد و مستقبل الشعب...ولا يرى المواطنون نخبة سياسية تتحمل مسؤولياتها الوطنية حتى لا أقول التاريخية لإنقاذ البلاد من الاستبداد وما سيترتب عنه من خراب اقتصادي واجتماعي..

وإلى حد الآن لا يزال التذاكي للتظاهر بقيادة المعارضة للإنقلاب...والخزعبلات السياسوية التي يعرف أصحابها أين ستذهب الأمور لكنهم "يحسبو فيها" للحفاظ على بعض المواقع والمصالح...ونصف المواقف نكاية في النهضة وكأن الإنقلاب حصل ضدها وليس لإرساء نظام شمولي ضد الجميع... والخوف من الذباب الشعبوي الميليشياوي المجرم في وسائل التواصل الإجتماعي الذي أرعب الكثير وأثر على مواقفهم منذ الإنقلاب وخاصة منذ 22 سبتمبر المشؤوم... فضيعوا البوصلة وكأن هذا الذباب يختصر الشعب برمته…

وكل ذلك وغيره يبين مرة أخرى ان الطبقة السياسية التي انتصبت في الحكم بعد الثورة ومعارضاتها لم ترقى بعد لمرتبة رجال الدولة...وبقيت في مرتبة السياسيين الذين يلهثون وراء التموقع السياسي…

فمن لا يعلم منهم أن دستور الثورة الديمقراطي...كان بالفعل عقدا اجتماعيا بين القوى الوسيطة في المجتمع التي تمثل مختلف الطبقات والفئات الإجتماعية على اختلاف تناقضاتها مهما كان عمقها...وكان مثالا حديثا للعقود الإجتماعية؟ هذا طبعا لمن يفهم التاريخ الحديث وتجارب الشعوب الأخرى...ولا يعنعن خارج السياق التاريخي بدون فهم تجارب قديمة…

ومن لا يعلم أنه بعد صراع كبير بين القوى الوسيطة في المجتمع التونسي إثر ثورة حرية وكرامة ...وعلى أساس استحقاقاتها...اتفقت بمقتضاه تلك القوى الممثلة للشعب بمختلف توجهاته بعد عقود من الاستبداد والحكم الفردي على التعايش فيما بينها في إطار نظام ديمقراطي في مجتمع مدني وديمقراطي؟

ومن لا يعلم ان هذا العقد الإجتماعي أسس على ان حقوق المواطنة لكل الناس...تضمنها الدولة في كنف احترام حقوق الإنسان في مفهومها الكوني والشمولي...وفي إطار دولة مدنية...ونظام سياسي مبني على التفريق بين سلطات مستقلة عن بعضها البعض...وعلى القوانين التي يتصارع السياسيون على مضامينها في إطار الشرعية الدستورية...وفي إطار الصراع على السلطة طبق قواعد الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة والتداول السلمي عليها في ديمقراطية تمثيلية ذات توجه اجتماعي؟

ومن لا يعلم ان ما تضمنه ذلك الدستور لا يتمثل في ديمقراطية "ليبرالية" شكلية... كما تعنعنه شعارات بعض "الثقفوت الثورجوت الجهلوت" من بورجوازيات صغيرة مختلفة المشارب الأيديولوجية ..ولا تزال تعنعن في عصر الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان في مفهومها الكوني والشمولي والثورات المواطنية من أجل تحقيقها...في دعاية انظمة شمولية انقرضت تاريخيا؟

تلك هي أسس التوافقات التي حصلت بينهم...بعد ثلاثة سنوات من التجاذبات...اضطر لها الجميع بعد الإغتيالات السياسية والحوار الوطني...وصوت عليها المجلس التأسيسي الذي كان يمثل السيادة الشعبية آنذاك في 2014... بشبه إجماع..

وهذا لا يعني طبعا ان تلك التوافقات نفذت ممن تمكنوا من الفوز في الإنتخابات...أو ممن عارضوهم...بل العكس هو الذي كان سائدا حتى إلى ليلة الإنقلاب!!!

يتبع....

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
ماهر
11/06/2023 19:24
للأسف الشديد هاته التوافقات لم يلتزم بها الكثيرون وعوضت باتفاقات "سرية" عطلت سير دواليب الحكم وفتحت المجال لقيس سعيد وانصاره من أخذها كتعلة لإرساء نظام فردي سلطوي.