الأولياء الصالحون اليساريون…

Photo

في دردشة منذ أشهر مع رفيق... في علاقة بالانتخابات... حول أزمة اليسار وتشتته َوفشله الذريع بعد الثورة في فرض استحقاقاتها... انتهينا إلى أن اليسار لم يتأقلم مع الوضع الجديد لأن قياداته وضعت نفسها في مكانة الأولياء الصالحين وتتصرف مثلها...ولأن أتباعها متشيعة لها ولحوانيتها...ولا تحلل وتقترح وتتنظم إنطلاقا من الواقع الملموس بل تتصرف كرعية..

ومن يخرج من السرب يبقى إما ينتظر الحل من هؤلاء الأولياء الصالحين الفاشلين... أو يتصرف هو أيضا كالولي الصالح بدون رعية... رباية ربانية ههههههه... أو يأخذ مسافة عن النشاط السياسي ويتركه للأولياء الصالحين... وإن واصل النشاط ففي المجال المدني أو النقابي أو الثقافي أو البيئي...الخ..

وهناك حتى من يلتحق باليمين بدعوى الواقعية فيتنكر لقناعاته تحت غطاء "الوسطية" والنجاعة السياسية... ويشارك في الحكومات اليمينية أو يساندها... تلك التي تتالت منذ الثورة... وكانت هي والنجاعة خطان متوازيان يبتعدان عن بعضها البعض في كل حكومة أكثر... فتفاقم الفساد والفقر والتميز في التنمية والمساواة بين المواطنين والاعتداء على المكاسب الاجتماعية والمديونية والارتهان للخارج ...الخ... باسم الواقعية والنجاعة والتجربة السياسية... يا والله أحوال..

الأولياء الصالحون... كل منهم يقدم نفسه دون غيره...الولي الوحيد... ويعتبره أتباعه الواحد الوحيد القادر...وقهار اليمين...وما النطق باسم الجماهير الشعبية إلا ماعون خدمة من طرفهم... وهم كالأولياء الصالحين لأنهم كثر ...ولكل منهم حانوت أو مقام...كمقامات الأولياء الصالحين المنتشرة هنا وهناك..

هو ولي صالح لأنه لا يخطأ في الموقف والسلوك... بما أنه يفسر النظرية ويطبقها... وهو يقول بالنقد والنقد الذاتي ولكن هذا ينطبق فقط على أتباعه وليس على أقواله وأفعاله... ويسلطه عند الحاجة على الأتباع للتحكم فيهم...ومن يتمسك به تجاهه منهم يخرج من الملة لأن الولي الصالح فوق النقد…

فهو إن قال يعنعن عنه... وإن هو نقض تحالفاته نقض أتباعه مثله...وإن هوجم هاجموا ولي من هاجموه... فلا تجدهم يقولون...وإنما يروجون ما قاله وكأن كلامه منزل...ولا يمجدون إلا نضالاته وكأنه المجاهد الذي ناضل وحده... ويتناسون نضالاتهم وتضحياتهم ولو كانت كبيرة وجسيمة…

ولسائل أن يسأل... لماذا هو وليا صالحا وليس أكثر؟

لو كان بوده لفعل ولأطاعه القطيع...ولكنه طالما أنه ليس هو من وضع النظرية التاريخية... بل مفسرها... فلا يمكنه أن يرتقي لأكثر من مرتبة الولي الصالح... وحتى الحوانيت التي تكونت بعد الثورة... تكونت حول شخص الولي الصالح وعلى هذا المنوال...ديما الرباية الربانية... ههههههه

المحدد بالنسبة لأتباعه هو ما يقوله… وليس السياسي الذي يخضع للتناقض الرئيسي في المجتمع…ولا البرنامج السياسي المدروس والدقيق والذي بدونه لا يمكن تغيير الواقع ولا حتى التأثير فيه… فأنت تسألهم عنه ولا جواب منهم… ويبقى الخطاب شعارات وجمل شعبوية رنانة..

والتنظيم عندهم ليس أداة ديمقراطية للسياسي تستغل فيه كل الطاقات الممكنة ويتداول فيه المناضلون على المسؤوليات حسب الكفاءة وعلى قاعدة الانتخابات ومن يفشل في المهمة يعوض. وهو ليس للسهر على تنفيذ البرنامج…. وإنما هو تنظيم الولي الصالح ومقرون باسمه… وهو مقدس لأن مولاه مقدس … وهو متمحور حول شخصه ويبقى في قيادته مدى الحياة… لأن الولي الصالح لا يتغير… وإن أراد أحد أعضاده الحلول مكانه فما عليه إلا أن يخرج عن طاعته ويؤسس المقام خاصته…

هذا النوع من السلوك هو في الحقيقة سلوك متخلف في التاريخ عن عصر الرأسمالية الليبرالية… وهو عاجز حتى عن التأقلم مع عصرها…وقد ثبت هذا طيلة عقد كامل من الحرية بعد الثورة في تونس…
فكيف له أن يبني الإشتراكية؟ توا شكونو الرفيق إلى دردشت معاه وطلع فاهمها كيفي؟

موش مهم الإسم… لكنو مناضل كبير بمعنى النضال الحقيقي… ومثقف وعندو تجربة سياسية طويلة… وسجين سياسي سابق… وطول عمرو يتصرف كمناضل عادي ومواطن عادي…

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات