في ذكرى الإنفجار الثوري..

كان لزاما على سلطة الأمر الواقع للبني القاعدي... وفي مصلحتها.. إطلاق سراح جميع الموقوفين ظلما... إن كانت تفكر ولو قليلا في مستقبلها... لكنها لم تفعل... وهذا سيرتد عليها لا محالة !! و لقائل ان يتساءل: لوماذا؟... والجواب بسيط..

فكلما اشتد الاستبداد واستشرى القمع العشوائي ضد مختلف التوجّهات ... وكلما تكاثرت الانتهاكات والإعتداءات على حرية المواطنين وتوسعت.. كلما تعاظم السخط والحقد على مقترفيها... وهذه قاعدة ثابتة في العلوم السياسية..

وحتى لو عم الخوف بين المواطنين بسبب ذلك ... فلا أحد يعلم ما في الصدور... ومتى ينفجر الانفجار الثوري… فتكفي شرارة يوما ما.. مثل التي اطلقها ذاتيا الشهيد البوعزيزي بدون ان فكر في نتائجها... حتى تتحول الشرارة إلى كرة ثلج... تتدحرج فوق منتهكي الحقوق والحريات وازلامهم... كما حصل من قبل بعد هروب بن علي في 14 حاتفي 2011..فتركهم لوحدهم أمام الجماهير الغاضبة…

ولولا الحقوقيين وغيرهم.. الذين وقفو شوكة لبن علي قبل الثورة... وشبكة امان لأنهم يؤمنون بالحقوق والحريات وبدولة القانون والمؤسسات.. ودور القضاء المستقل.. لحصل ما لا يمكن تخيله من رعية.. ساخطة على ما نالها من ظلم !!

وهذا الخوف والحقد والسخط الذي يعم صدور المواطنين اليوم .. نلاحظه في الكثير من المواقع والصفحات والحسابات الشخصية في وسائل التواصل…

ونلاحظه كذلك في تكاثر الحسابات التي اغلقها أصحابها عن غير أصدقائم... ( Profils verrouillés)... حتى لا يلاحظ بوليس الانترنات الذي رجع بقوة ما ينشرون.. وهو مؤشر يذكر بالكم الهائل من الحسابات بأسماء مستعارة قبل الثورة…

فالمواطن بالفطرة متمسك بحقه الشرعي بالأمن والأمان من الظلم... ولما يفعل ذلك فلأنه ضد السلطة وحانق عليها ويتفادى الظلم .. ولو لم يكن كذلك لما تخفى لما يعبر عن رأيه ..

فبحيث..

المستبدون الحمقى.. لا يفقهون ان المجتمعات حية...وفي زمن الاستبداد لا يبقى يعبر علنا ضده إلا النزر القليل.. اما الأغلبية الصامتة فهي متكونة من مواطنين لهم تفكير حر... حتى لو فرض عليهم الصمت بالقمع والخوف من التنكيل بهم... ووضعهم عنوة في موقع الرعية ...وهم الأغلبية العريضة جدا..

هؤلاء لهم مواقفا شخصية تدفعهم لما تحين اللحظة...للمشاركة في قلب الموازين السياسية.. والديقاج... وهذا جربناه من قبل .. ولما يكونون تونسيون عاشو عشرية من الحرية... و يقارنون وضعهم اليوم وقبل.. فهذا حافز إضافي يدفعهم..

وبحيث...حرية التعبير لم تسقط أنظمة من قبل.... في اي مكان من العالم !!

اما الاستبداد... وما يصاحبه من انتهاكات جسيمة ضد الجميع... وما يتخلله من فظاعات.. فهو وحده الذي يسقط الأنظمة دون سواه!! بل كل ما يحصل في حضرتها ..هو تغيير سلطة بأخرى عن طريق انتخابات حرة ... في وضع يتمتع فيه الجميع بالحرية كما جربناه قبل الإنقلاب على دستور الثورة الديمقراطي ... ولا تحصل بعدها تصفية حسابات.. ولا أزلام ملاحقين من ضحاياهم.. فيهربون للجحور..

ومن يقترفوه هم المسؤولون عن سقوط النظام الذي يعتقدون انهم يدافعون عنه بالقمع والتنكيل بالمواطنين .. وليس ضحاياهم المسالمين الذين يثورن عليهم يوما ما!!

فهم المسؤولون دون سواهم!!! كابيتو؟

وبحيث.. هذه نصيحة من حقوقي عاش استبداد بورقيبة.. واستبداد بن علي... واستبداد الإنقلاب.. وعايش استبداد الكثير من المستبدين من مختلف البلدان.. وهو يقول لكم اليوم...اطلقوا سراح المعتقلين ظلما... واليوم قبل غد!!! فلا تزيدوا من السخط والحنق والنقمة عليكم!!

فهل تجهلون أو تتظاهرون بالجهل...انه كلما استشرى القمع والإستبداد... كلما تأزمت الأوضاع أكثر فاكثر... بسبب ما يقترف من انتهاكات ضد حقوق وحريات المواطنين السلميين؟ وانه كلما كثر السخط والحقد ... تكون المطالبة بالانتقام اكبر ... ممن لا يؤمنون بقيم المواطنة والجمهورية ودولة القانون والمؤسسات؟

فحذاري من سخط هؤلاء... الذين تتصرفون بالتنكيل بهم اليوم ... وسيطالبون بمثله ضدكم غدا !! وبحيث.. إطلاق سراح جميع المعتقلين ظلما اليوم متأكد جدا...وبتطبيق القانون الذي دستم عليه!!! ... ولا غير !!!

فكل المعتقلين اليوم.. موجودين في السجون قسرا وقهرا وظلما...بالدوس على القوانين!!.. وقد شهر بذلك لسان دفاعهم بإطناب.. فاستمعوا لما قالوه لعلكم تفهمون ما معنى القانون!!!

وبالمناسبة مثلا .. فالمرسوم 54... الذي يوجد بتعلته في السجون الكثير من المواطنين .. هو نص من قبيل المعدوم (فهو مخالف لمضمون الدستور الذي هو اعلى مرتبة منه.. إن كان دستور 2014... او حتى دستور 2022 غير الشرعي !!! ...هذا علاوة على انه لم يقع حتى التصديق عليه شكلا من الوظيفة التشريعية للبني القاعدي ولو كانت صورية!! )…

وبحيث... هذه مصلحة للمستبدين قبل غيرهم.. حتى لا يطالهم ما يتجاهلوه اليوم لأنهم في الصورة ويوهمون أنفسهم بأن الوضع السياسي الحالي مستقرا... وغير زائل.. وهو زائل لا محالة..ككل وضع تحت الاستبداد..

وللضحايا ثانيا حتى ترجع لهم حريتهم وحقوقهم الطبيعة كبني إنسان ..وكمواطنين لهم نفس الحقوق مع غيرهم من المواطنين.. مثل من هم في الصورة اليوم.. ويعربدون ويعيثون في الأرض استبدادا... وحتى فسادا !!! ..

وللوطن اخيرا ... حتى لا نرى من بين ضحايا اليوم... من يتصرفون غدا بالتنكيل ضد هؤلاء المستبدين .. كما تصرفوا معهم!!

فحتى العدالة الإنتقالية التي عملنا على الترويج لها بعد الثورة.. رفضوها وافشلوها.. وهم يواصلون في ذلك... قبل الإنقلاب وبعده..

فهل يفقهون؟

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات