وقفت الزنقة بالهارب

بعد أكثر من عامين من إنقلاب لارساء حكم عقائدي... شمولي... فردي... مستبد.. و متخلف مجتمعيا وتاريخيا... وبطبيعته تلك.. فهو لا يعترف بالقوى الوسيطة في المجتمع.. التي تمثل في المجتمعات المتحضرة.. حتى زمن الإستعمار...سلطات مضادة للسلطة القائمة.. وهي محاولة فاشية... فاشلة لتخريب مكسب حضاري للمجتمع التونسي..اكتسبه بالتراكم طيلة عقود طويلة.. فأخرجه من الإنحطاط الحضاري التاريخي ..

وهو مكسب معترف به عالميا من طرف الكثير من الدول...وتعتز به تونس.. وتتمنى الكثير من الشعوب التواقة للحرية والعدالة الإجتماعية ان تتوفر لها مثل هذه المكاسب... ولم يكن غريبا عند شعوب العالم وقواها الوسيطة... ان تتحصل البعض من القوى الوسيطة التونسية على جائزة نوبل... وقد جائتها التهاني من كل حدب وصوب.

وبعد متابعتي في هذه الفترة لمواقف مختلف الأطراف السياسية... ومن ببنها تلك القوى الحمقى والإنتهازبة... العاجزة عن فهم ما وصلته تونس من تقدم حضاري مجتمعي... معولة على تجييش الشرائح المتخلفة حضاريا في المجتمع.. وهي موجودة في كل المجتمعات بدرجة أو بأخرى... ومهما بلغت درجة تحضرها.. ولا تختص بها بلادنا.. ذلك ان البنية الفكرية لكل المجتمعات تتخللها كل الأفكار ان كانت موروثة او عصرية...وإن كانت رجعية او متأقلمة مع عصرها وتطور القوى البشرية فيه..

فإني على مستواي الشخصي. .. توصلت للإستنتاجات التالية:

*المنقلب على الدستور... فقد كل شرعية وكل مشروعية... وأصبح في عزلة عن الشعب…رغم انه ربما غير مقتنع بذلك.. وهذا بعد عدم الموافقة على دستوره من ثلاثة ارباع الشعب ... ثم انحدار تلك النسبة إلى تسعة أعشار بمناسبة انتخاب مجلسه الصوري المنصب والذي لا يمثل السيادة الشعبية..

هذا إضافة إلى فشله في المجال الإقتصادي و الإجتماعي..مما أدخل البلاد في فترة عجاف.. من شح المواد الغذائية الأساسية.. وغلاء المعيشة المطرد.. الخ..

وهو كحاكم فردي مسؤول وحده على هذا الفشل... ومعاونوه هم ليسوا سوى مجرد ازلام مشاركون له في مزيد الفشل تخريب البلاد..

*موضوعيا المنقلب على الدستور...لا يمكنه تغيير هذا الوضع الذي زاد في تعكيره وليست له حلولا... إلا تلك التي تؤدي الى مزيد من التعكير... هذا إضافة لتخريب مؤسسات الدولة... والهجوم على الإدارة العمود الفقري لها .. وهي التي بقيت واقفة إبان الثورة.. عندما هرب بن علي وأزلامه…

*ولذلك هو لن يعمر طويلا...وقفت الزنقة بالهارب. لأنه فوق كل ذلك متمسك بموقف ايديولوجي طفولي.. يعتبر أن هناك ازمة هيكلية في المجتمع ترجع أسبابها في وجود تلك القوى الوسيطة... وهي المسؤولة عنها...وهي خرمولوجيا تنظيرية تجهل أسباب تطور المجتمعات في العصر الحديث... وترجع بالتاريخ إلى التاريخ القديم... اين كان هناك خليفة والجميع عليهم السمع الطاعة.. وهذا بالضبط جوهر النظام العمودي للبناء القاعدي.. الذي يجب إرساءه في هذا العصر الحديث ..

ولذلك... فاستراتيجيته هي... تحييد القوى الوسيطة بتهميشها اولا بإبعادها عن التدخل في الشأن العام.. والمساهمة في شؤون الدولة وفي مؤسساتها.. وهذا قبل التخلص منها بدون رجعة...

وقد اجبروا جميعا ...حسب الفترات والظروف.. على التعامل والتفاوض مع البعض منها... و لذلك هو موقف طفولي... لأنه "داهم على جبل بقادومة"... ضد قوى وسيطة مجتمعة...لنسفها جميعا ..وهذا لم يقدر عليه من قبله... لا الإستعمار... ولا الحكم الفردي الدكتاتوري لبورقيبة... ولا حتى بن علي.

*وموضوعيا أيضا... وبالتالي... طالما ان تلك القوى الوسيطة المستهدفة كلها من إرساء البني القاعدي... لم تتجاوز خصوماتها التي أصبحت ثانوية اليوم ... وتتفق مع بعضها... (إلا من أقصى نفسه لان هدفه الوحيد الحلول محل الملهم العظيم في الحكم الفردي... ولا العمل من اجل نظام ديمقراطي يتسع للجميع مهما احتدت تناقضاتهم... كما يحصل في أي ديمقراطية ) …

طالما انها... لم تعمل على إيجاد مخرج متفق عليه.. عبر خارطة طريق مشتركة يلتزم بها مرحليا الجميع. .. كما فعلت في ظروف أخرى ولأسباب أخرى سنة 2013.... فجلست مع بعضها البعض ... آنذاك رغم ان الظروف السياسية كانت أقل خطورة بكثير من اليوم... واليوم يضحكني من ضربهم السيد ألزمهاير.. منذ تلك الفترة... متناس ماضيه... متخوفا مما يمكن ان يقال عليه في صفحات الحشد الزقفوني المجرم.

ملخر... في تلك الحالة ... فتلك القوى الوسطية ... لترددها... وربما لجبن بعضها ... هي التي ستكون المسؤولة عن إطالة حكم البني القاعدي دون سواها...وعن مزيد من الخراب.. فهل رأيتم مرة في التاريخ... حاكما فرديا مستبدا.. سلم سلطته وبمحض إرادته...بطلب ممن تعسف عليهم وجزرهم... ومن أجل عيونهم؟

فبحيث... عندكم الكورة...موش عند الملهم العظيم.

ومن أنذر..

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات