محاربة الفساد...مسألة مؤسسات…

Photo

إحالة 21 ضابط من الديوانة على التقاعد الوجوبي هل ستقضي على الفساد في ذلك القطاع؟ مستحيل... عندما أوقف الشاهد بعض المشتبه فيهم بالفساد... قلنا ذلك أيضا...والدليل استشراء الفساد اليوم أمام أعيننا...وبالحاضر…

قلنا أن الشاهد استغل حنق المواطنين على الفساد والفاسدين لذر الرماد على العيون...وان غرضه الوحيد من العملية تصفية خصومه على السلطة ومنافسيه في منافع جهاز الدولة... قلنا ان الفساد مرتبط بمؤسسات الدولة... والأشخاص مجرد قِطع متحركة فيها... تتأقلم أوتتغير او تقصى منها... بتغير المتنفذين في السلطة و اصحاب القرار السياسي…

فهاجمتنا حملة go Jo... وبعض منهم بدناءة مبتذلة... متهميننا بالتغطية على الفاسدين!! ... ومنهم حتى بعض الفاسدين بكوارتهم الوقحين... الذين امتطو صهوة الحملة لتبييض سوادهم...وكانو من بين أولائك الذين اعتمد عليهم الشاهد في حزبه وحملته الإنتخابية…

فاختلط الحابل بالنابل في تلك الحملة...وسرعان ما صعد الشاهد في نوايا التصويت...ثم بدأ يتدحرج رويدا رويدا باكتشاف صلفه من الناس بفضل حرية التعبير ... وتفرق المواطنون النزهاء من حوله...ولم يبقى معه الا أصحاب المصالح والمنافع...وانتهى إلى ما انتهى إليه... رغم تحكمه في جهاز الدولة طيلة ثلاث سنوات…

ولا فائدة من قذف سيارة الإسعاف بالحجر... ولكن الذكرى تنفع المؤمنين... بمحاربة الفساد…

قلنا أن قوانين الاستبداد المبنية على عدم الفصل بين جهاز الدولة والحزب الحاكم لا تزال سارية ... ونظام الرخص الإدارية بدون مراقبة قضائية.. وكراريس الشروط... وتغول صلاحيات المسؤولين في الإدارة (ولا جمهور الموظفين الذين ينفذون المناشير الآمرة) تلك الصلاحيات التي تمكنهم من اتخاذ قرارات بدون رقابة مستقلة... بالتعامل بالمحسوبية الحزبية والشخصية والرشوة وبرّى إشكي للمحكمة الإدارية التي تصدر أحكامها بعد سنوات... او اثبت الرشوة امام قضاء يتقاذفه التوظيف والضغوطات المختلفة... وعدم رقمنة الإدارة... وغياب الشفافية...الخ.. وهي كلها عوامل مجتمعة تخلق البيئة الحاضنة للفساد...الذي أصبح عقلية شبه جمعية…

وقلنا ان محاربة الفساد وتطويقه مسألة مؤسساتية...لا غير...وبقيت منذ الثورة دارة لقمان على حالها رغم بعض الإصلاحات المتفرقة هنا وهناك.. لم تدخل في تصور ومشروع متكامل متناسق... ولا تتفاعل مع بعضها البعض...وجاءت تحت ضغوط مجتمعية..

ان توقف موظفا فاسدا وان تقوم بتتبعه عدليا... فهذا شيء عادي لأنه اقترف جريمة كغيرها من الجرائم ... ويجب أن يحاسب عليها إداريا وقضائيا... بل ويجب أيضا تتبع المشاركين معه في جريمته..أولائك الذين انتفعوا معه من الجريمة ومنهم السياسيين...ولا يطالهم التتبع...

ولكن هذا لا يقضي على الفساد ولا حتى يقلل منه... لأن إيقاف فاسد في منظومة فاسدة... يترك ثغرة فيها يعوضها بالضرورة غيره... والدليل على ذلك تجربتنا مع الشاهد التي زاد الفساد استشراء فيها…

والجدير بالذكر من ناحية أخرى أن الإيقافات والتتبعات هي من أنظار السلطة القضائية بفروعها الجزائي والمالي والإداري ... دون سواها!! ولا يجب للسلطة التنفيذية ان تتبجح به... والحال أنها لم تقم بواجبها الدستوري كما فعل الشاهد من قبل…

واجبها فيما يخصها.... لأن لكل مؤسسة دورها... يقتضي محاصرة الفساد مؤسساتيا بتصور مدروس ومشروع للتنفيذ.... بتغيير القوانين بالتعاون مع السلطة التشريعية ... وبعث مؤسسات الرقابة الناجعة... وتشجيع الشفافية ونفاذ المواطنين والصحافة الاستقصائية للمعلومة العمومية ... وتعصير الإدارة ورقمنتها... وتغيير المسؤولين العاجزين أو المتلكئين... الخ…

هذا هو التوجه الذي كان من المفروض ان يسلكه من حكموا البلاد إثر ثورة على الاستبداد والفساد...فلم يفعلوا لحد الآن رغم التداول على المسؤولية.. بداية من حكومة السبسي بعد محمد الغنوشي... إلى حكومة الجبالي ثم العريض.. إلى حكومة جمعة... إلى حكومة الصيد ثم الشاهد....

لم يفعلوا…بل تأقلموا…وساهموا… وانتفعت حاشيتهم… أعادوا نفس السلوك وفي كل مرة بطريقة أتعس… فاستشرى الفساد مع كل حكومة أكثر… وأصبح ككرة الثلج..

ولحد الآن لم تبين الحكومة الحالية أنها ليست على نفس المنهاج وغياب التصور والمشروع… سوى بعض الإشارات في خطب بعض وزرائها… قبل َ الانتخابات.. وإن واصلت ولم تأخذ الانعطافة الواجبة … ستكون كسابقاتها…وطبعا أتعس… كالعادة….

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات