احبس غادي.. لكم بالمرصاد: المغالطات الخبيثة

Photo

في كل ديمقراطيات العالم و كلما تجرأ القضاء على فاسدين من اصحاب النفوذ السياسي: وزراء.. رؤساء حكومات.. برلمانيون.. رؤساء دول الخ . فرح المواطنون بديمقراطياتهم و افتخروا بقضائهم في دولهم الحرة التي لا يخشى فيها القضاء احدا حتى لو انتخبه ملايين المواطنين.

الا في تونس بعد ثورة الحرية و الانتخابات الديمقراطية. كلما تم ملاحقة سياسي او كشفت محكمة محاسبات تلاعب حزب او منتخب الا و نطقت اقلية فاشلة تحن للاستبداد و تكره الحرية: أيا شفتو الديمقراطية و الانتخابات اش تجيبلكم؟ .. .. هذه الجملة المخاتلة ليست رغبة في تحصين الديمقراطية التي تطهر نفسها بمزيد من الديمقراطية بل مجرد تبرير اولا لخسارة هؤلاء القائلين لهذه الجملة و هم عادة ممن خسروا في كل الانتخابات او ممن تضرروا من الحرية بعد ان كانوا ينالون مواقعهم بالتعيين الانتخابي في عهد بن علي …

لهؤلاء نقول:

أولا و باستثناء النهضة و هي حزب كبير يمكن ان يجمع اموالا طائلة من منخرطيه فليس كل الفائزين في الانتخابات فازوا لان لهم مال فاسد دعمهم بل كثير من شرفاء البرلمان لم يمولهم احد حسب ما نرى: ائتلاف الكرامة.. حركة الشعب ..التيار الديمقراطي هي احزاب فازت بلا مال كثير ..هل تنفون ذلك ،؟

ثانيا ليس كل من وقف الى جانبه مال فاسد قد فاز في الانتخابات.. هناك من مولوهم و دعموهم اعلاميا من حلاله و حرامه و خرجوا صفرا بلا فاصل و يجب ان يسألوا لماذا …

ثالثا هناك من خسروا و سيخسرون باستمرار ليس لان ليس لهم مال فاسد يدعمهم بل لان خطابهم سيظل خاسرا باستمرار و إذا انتخب الناس تيارات سياسية فقيرة فسينتخبون غيرهم كما وقع في 2019 و نجاح الائتلاف و التيار و حركة الشعب يعني ان الناخب يميز حتى بين التيارات الفقيرة.

رابعا الفاسدون الذين ينجحون بأموالهم الفاسدة في الانتخابات هي صفات ملازمة لكل الديمقراطيات و يكون القضاء و مؤسسات الرقابة هي الكفيلة بهم و كشفهم و كل ديمقراطية تحصن نفسها باستمرار لأنها اقل الانظمة السياسية سوءا …

تحيا الديمقراطية و الحرية و الثورة فليس هناك استبداد صالح …الاستبداد هو الفساد و الفساد في الديمقراطية مصيره ان ينهزم …

القضاء و الناس و ذهاب الجدل السياسي الى بناء تونس بلا فساد و لا استبداد …

فليحسم القضاء ملفات الفساد كلها و لتتفرغ الاحزاب لتقديم الحلول و التنافس الانتخابي بالبدائل …

في ايام الثورة الاولى كانت كل التيارات السياسية باستثناء العائلة الدستو تجمعية تطلق على النظام المتصدع اسم " منظومة الفساد و الاستبداد " و في ذلك تحديد لطبيعة المطلوب وطنيا بعد رحيل بن علي: بناء حياة سياسية ديمقراطية و القطع مع التسلط و الرأي الواحد + اصلاح هيكلي لمؤسسات الدولة و الحياة الاقتصادية من الزبائنية و الريعية و سوء التصرف و انهيار الحوكمة.

بعد اندلاع الانقسام السياسي بين الفرقاء تعطل بناء المؤسسات الديمقراطية و أصبح الانتساب للثورة و الحرية مجرد مزايدات بين الاطراف السياسية دون ان يحتكم الجميع الى اليات الديمقراطية و الاعتراف بمخرجاتها و اصبح التنافس على مربعات النفوذ و وسائل صنع الراي العام و شراء الذمم و الاستقواء بالأجنبي و امواله و تخويف الناس بمؤسسات الدولة المتناهشة هو اسلوب الصراع في الساحة السياسية و كاد المكسب الديمقراطي ان ينهار.

اما معركة الفساد و بعد ان تناسل الفاسدون الجدد من رحم العصابات القديمة فقد اصبحت بدورها مهددة بالخسارة. توزعت اللوبيات و استثمرت تقريبا في كل العائلات الجمعياتية و الاعلامية و السياسية و أصبح " فساد هؤلاء " و " فساد اولئك " عنوانا و منتجا و ممولا للصراعات السياسية و كدنا نيأس من معركة الفساد التي ابتذلها السياسيون و حولوها الى مجرد تراشق شعاراتي في البلاتوات يديرون بها معاركهم السياسية و لاحظنا في كثير من الاحيان القضاء يقف مشدوها او خاضعا لضغوطات سياسيين خلطوا كل الاوراق فلم يعد بإمكان احد ان يعرف الفساد اين هو و من يحاربه حقا.

حان الوقت اليوم إذا اراد القضاء ان يكون فعلا قضاء يطمئن اليه الناس و يستقوي بهم ان تحسم كل الملفات فيصدر حكم العدالة في الفاسد الحقيقي و يصمت السياسيون المتراشقون بالملفات الصحيحة و المفبركة ليتفرغوا لتقديم المشاريع السياسية و البدائل و التنافس في الحلول العملية لازمة تونس التنموية و ليتركوا ملفات الفساد للقضاء.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات