خطر " التطهير الفاشي " الجاثم

خطاب الاحتراب و التكفير و التخوين و نصب كل طرف سياسي لمحاكمه الشعبية الخاصة هي ظواهر مسيطرة على الساحة السياسية منذ عشر سنوات . باسم الدين او باسم الثورة ..باسم الحداثة و الدولة المدنية ..باسم الجديد او القديم ...كانت هي اللغة السياسية السائدة و قد ساهم الجميع بلا استثناء في استعمالها و ترويجها على ساحة الاعلام التقليدي او الافتراضي .

لكن هذا الخطاب ظل باستمرار خطابا دعائيا خارج الدولة يعتمده انصار هذا الطرف او ذاك في مواجهة خصومه . الخطر الرهيب الذي سيطر على البلاد هو تحول هذا الخطاب الى " خطاب دولة " منذ تولي رئيس الجمهورية قيس سعيد مقاليد قرطاج . و هكذا اصبحنا امام طرف سياسي يعلن نفسه حوزة مقدسة للصلاح تحدد الفاسدين و مرجعا للوطنية يقرر صف الخونة .

منذ 25 جويلية خرج الوضع من مجرد خطاب طرف داخل الدولة الى فعل يستعمل مؤسسات الدولة من اجهزة تنفيذية و قضاء و مدعوما في البداية بجيوش الكترونية غير معلومة ليصبح منذ فترة مسنودا ببيانات علنية لمنظمات و احزاب و شخصيات هي التي تصدر احكامها بأمر خفي من جهات خفية لتحدد الخونة و الفاسدين .

ما يصيب العاقل بالدهشة هو ان هذه الجهات التي انتصبت باسم الدولة و الاحزاب و المنظمات و الشخصيات لتوزع تهم الفساد و الخيانة يمكن ان تكون هي ايضا بجرة قلم و بأدلة مضادة موضع طعن في ذمتها فسادا و ارتهانا .

الخطير ان خطاب 25 و حلفائه يفتح الباب امام حرب اهلية قد تشعلها حشود غرائزية متعطشة للدم باسم الوطنية و الخيانة كما انه خطاب يغطي على تصفية الحسابات بين اللوبيات المالية و مربعات النفوذ الاقتصادي و هي معركة تتم الان باسم الدولة و عبر شعار مقاومة الفساد .

اما الاخطر من ذلك كله فهو تحول هذا الخطاب الى شحن يومي للحشود عبر مشاعر تطاحن طبقي قد تصبح فيه ذات يوم املاك الناس حتى من الطبقة الوسطى مستباحة باسم المفقرين و المحرومين وهو وضع شهدته بلدان اكتوت طويلا من حكم الشعبويات الايديولوجية بدعاوى الاشتراكية و العدالة و معاداة الرأسمالية " القذرة " .

يجب ان ترتفع اصوات الحكمة لجعل تونس تحت عيون المنظمات الحقوقية قبل ان ينزل الستار الحديدي و تعم فوضى الفاشيات الشعبوية باسم الشعب و الوطنجيات المرعبة التي اكتوى منها اشقاؤنا في مشرق العسكرتاريا الدموية و نظم المخابرات و اضطهاد الشعوب باسم الشعوب و مقاومة العدو .

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات