سيد احمد المستيري.. رحيل مرحلة

نال لقب " ابو الديمقراطية" في اوساط المعارضة وسوف تظل تجربة اعتراف النظام بالتعددية الحزبية في تونس ثمرة لتمرده مع رفاقه في الجناح الليبيرالي داخل الحزب الدستوري من اول السبعينات.

رحم الله الزعيم أحمد المستيري مؤسس حركة الديمقراطيين الاشتراكيين MDS التي فازت ورقتها الخضراء في انتخابات 1981 فوزا ساحقا على الورقة الحمراء للحزب الاشتراكي الدستوري الحاكم وتم تزييف النتائج في اكبر فضيحة اطلق بعدها التونسيون نكتة " الحناء " التي تبيت في الليل خضراء لتصبح صباحا في اليد حمراء.

في انتخابات 1981 فازت الورقة الخضراء لحركة الديمقراطيين الاشتراكيين بأعلى الاصوات نظرا لغضب طيف واسع من قواعد حزب الدستور ممن اختاروا التصويت للMDS و نظرا لتصويت قواعد حركة الاتجاه الاسلامي التي لم يستجب لطلبها في العمل القانوني و ايضا نظرا لتصويت النقابيين للورقة الخضراء رغم مشاركة الاتحاد العام التونسي للشغل في هذه الانتخابات تحت لواء الورقة الحمراء المسماة قائمة الجبهة الوطنية.

كانت انتخابات 81 تأكيدا على خروج المجتمع التونسي من الراي الواحد والاجماع حول الفرد الواحد والحزب الواحد وبمجرد ان اتيحت له الحرية صوت بدون تردد للتغيير والتعددية وهو نفس ما سيتكرر بعد تحول 7 نوفمبر حيث صوت الناخبون بكثافة للورقة البنفسجية (الاسلاميون) التي نافست الورقة الحمراء قبل ان يتم تزييف النتائج. ولو اشتغلت البنفسجية تحت لواء او بتحالف مع خضراء المستيري كما اقترح البعض وقتها لتغير المسار وربما لم نذهب الى محرقة الاسلاميين في التسعينات.

اعتكف المناضل احمد المستيري منذ اول التسعينات في بيته بعد ان فهم بحسه السياسي ان النظام يتجه الى احلك انحرافاته نحو الدولة البوليسية وهجر السياسة كغيره من زعماء الحزب الدستوري سابقا.

بعد الثورة اجهض " السيستام " محاولة عدد من القوى الثورية احالة الرئاسة او المجلس الرئاسي الى الزعيم احمد المستيري و كان الاختيار على الباجي باعتباره اكثر الشخصيات الذي يستطيع عبره " النظام " الحد من اندفاع " "الثورة" .

اخطأ حكم الترويكا بعد اكتوبر 2011 في التعامل مع الزعامات الديمقراطية وعلى رأسها احمد المستيري فلم يستفد منها، بل حتى لم ينصفها ورغم المواقف الثورية والحصيفة للزعيم احمد المستيري فان راشد الغنوشي ومنصف المرزوقي ومصطفى بن جعفر لم يتذكروا انهم لو اخرجوا الرجل من عزلته الاختيارية لاستطاعوا به محاربة مؤامرات الثورة المضادة .... لن يتم التفكير في احمد المستيري الا بعد ازمة 2013 اثناء الحوار الوطني وطرح اسمه كرئيس حكومة انتقالية، ولكن المقترح لم يمر فضلا عن كون الرجل لم يتحمس لهذه الفكرة.

رحم الله سيد احمد ...سيظل المستيري في تونس وسي عبد الرحمان اليوسفي في المغرب الاقصى زعيمي التيار الديمقراطي والقطع مع نظام الحزب الواحد في المغرب العربي ومؤسسي التيار الليبيرالي العربي الجديد الخارج من داخل احزاب الاستقلال ومن داخل الدولة والاكثر فاعلية وتأثير عملي من التيارات التقليدية الراديكالية المعارضة لنظام الحزب الواحد من الاسلاميين واليساريين والقوميين.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات