الزنقة السياسية اعدل الاشياء قسمة بين احزاب الحكم..

Photo

ليس الموقف في بيان التنفيذي جديدا في رؤية النهضة لطبيعة الائتلاف ومصيره الا من حيث لهجته التي ازدادت حسما بعد قضية تضارب المصالح اولا ثم تصويت التيار منذ يومين على تمرير لائحة تجريم الاخوان الى الجلسة البرلمانية العامة.

دخول النهضة في مزاج التوسيع بوضوح أصبح عنصرا رئيسيا في تقدير جديد للموقف أعلن التنفيذي البدء في اعداده مما يجعل مزاج التفكير بتقدير " يبقى الوضع على ماهو عليه " مزاجا ضعيفا وأقليا.

من خلال ما نقرأه للقيادات الحزبية والبرلمانية والحكومية لكل أطراف الائتلاف ومن خلال عدد من لقاءات الاستمزاج ورصد التقديرات التي عقدتها شخصيا مع عدد من الاصدقاء في قيادات الاحزاب الحاكمة وصانعي المواقف داخلها تبدو الرؤى حاليا متباعدة جدا من خلال التباعد في تقدير كل طرف لميزان القوة / الضعف مع الطرف الاخر.

ينطلق التيار والشعب وبدرجة اقل رئيس الحكومة ومحيطه القريب من جملة معطيات تحدد تقدير الموقف عندهم واوجزها اختزالا في ما يلي:

اولا واساسا لا تملك النهضة هامشا واوراقا كثيرة للمغامرة بالإقدام على سحب الثقة من الحكومة او تحمل استقالة رئيسها نظرا لعسر صياغة البديل وعدم الاستعداد ذاتيا وبالنظر لوضع البلاد لتحمل مسؤولية " ارباك البلاد والفوضى التي تخدم قوى التطرف والفساد " كما لخص تقريبا هذا التبرير الاستاذ الوزير غازي الشواشي في تدوينة مختزلة ومكثفة.

ثانيا و بناء على ما تقدم يقدر حلفاء الائتلاف الثلاثة هؤلاء ان النهضة لا تفعل اكثر من المراوحة في دائرة المناورة دون قدرة على الخروج منها نحو المبادرة مما يعني انها لا تفعل غير مجرد محاولة تحسين وضعها داخل الائتلاف الحاكم لاستعادة مكانة الحزب الاول و امتيازاته دون ان تقدر على فرض معادلة جديدة لتغيير تركيبة الحكم و لذلك فلا مناص لها في اخر التحليل من القبول بالوضع في ما تسميه حركة الشعب " حكومة الرئيس " التي "انتهت بها مرحلة تحكم النهضة في المشهد " كما يقدر حزبا الشعب و التيار و بدرجة اقل رئيس الحكومة .

ثالثا و مما تقدم تؤسس هذه النواة الثلاثية ( تيار / شعب / فخفاخ ) لتكتيك العلاقات العامة مع النهضة و المناورة بالتلويح بمجرد " تنقية الاجواء و رفع منسوب الثقة " بين اطراف الحكم في غياب ضغط داخل الائتلاف على نواة الحكم هذه باعتبار اكتفاء " تحيا " بالمراقبة و انتظار نتائج الصراع مع النهضة و مد اليد علنا و خفية للحلفاء الطبيعيين خارج الائتلاف و داخله ( قلب و الاصلاح ) و عدم القطع مع خيار الابتزاز مع الدستوري الحر فضلا عن كون تحيا ليست في وضع القدرة على ترجيح التوسيع او رفضه باعتبار ان الحزب في وضع التصدع فضلا عن اتهام رئيسه الشاهد بكونه قد يكون وراء اثارة المتاعب التي تعرض لها الفخفاخ مؤخرا .

في المقابل تنطلق رؤية " التوسيع " المنتصرة الان داخل النهضة من تقديرات اخرى مختلفة تماما:

اولها اهتزاز الثقة كليا في رئيس الحكومة والتيار والشعب عبر الاعتماد على جملة من المعطيات التي تؤكد العلاقة " العدوانية " معها ما يعني خطر اضاعة الوقت في البحث على تسويات في ما هو سائد.

ثانيا يقدر العقل العميق للنهضة ان الوقائع تؤكد خطأ المراهنة على ائتلاف ما سمي بحكومة " التقاء القوى الثورية " ما يجعل الالتقاء الحالي استعادة اكثر سوء لعطالة " ترويكا" 2011 بغياب ممثلين حقيقيين و فاعلين للقديم الوازن القابل بالتسوية و الضامن للاستقرار (تحيا لا تمثله حقا) و غياب وزن حقيقي ضامن للاستقرار و الانجاز لما يسمى بقوى الثورة (التيار و الشعب) فضلا عن انخراطهما في خيار عزلها و تحجيمها كما تقدر هي.

ثالثا ينطلق تقدير الموقف عند النهضة من خطر تواجد قلب تونس خارج الحكم في وجود الدستوري الحر بما يهدد بولادة احواء استقطاب في مواجهتها فتكون في وضع ضعف واستهداف من داخل الحكم ومن المعارضة.

رابعا تعتبر النهضة ان ما تسميه من تحديات واستحقاقات واصلاحات اجتماعية واقتصادية فضلا عن استكمال المؤسسات الديمقراطية يقتضي حكومة بحزام اوسع وأقدر على الانجاز بعد بروز التناقض بين التحالفين الحكومي والبرلماني ومعاناة الحكومة الحالية من اجواء توتر العلاقة بين الشركاء واهتزاز وضع رئيسها اخلاقيا.

خامسا و في سياق تقدير موازين القوى و حساب اوراق الضغط المتبادلة تنطلق النهضة من اعتبار نفسها محليا و دوليا رقما اساسيا في قوة اي حكومة او ضعفها مما يجعل كل بديل للوضع الحالي يمر من خلالها و عبرها بما في ذلك ما يمكن ان تفكر فيه قرطاج التي لا يستطيع ساكنها ان يقفز على التوازنات المسلم بها من عقل الدولة و اجهزتها و من القوى الدولية الراعية للتجربة التونسية و بناء على هذه القراءة تعتبر النهضة ان كل استمرار لهذه الحكومة دون اذعانها لإعادة الترتيب و التركيب قد يجعلها في اسوأ الحالات تستمر لكن في حالة ضعف حقيقي ما يجعلها ساقطة بالقوة و ان استمرت بالفعل …

هذا التباين الجذري في تقدير الموقف …في مقال لاحق أبدى وجهة نظري وتصوري لتجاوز هذا المأزق السياسي الجدي.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات