مالك والاشعري والجنيد

وأنا استمع الى مداولات المجلس استوقفتني اشارة النائب سيف الدين مخلوف وهو يذكر الرئيس بما تم التعارف عليه في تدين التونسيين وذكر بذلك البيت قال انه ينتهي "بالجنيدي السالك " ولا يفهمه كثير من الناس ...فقلت هات نعملو فسحة مع رواد الجدار ومتابعيه في القصة والمعنى في هالعشوية الرمضانية تعميما للفائدة وبدون تعقيدات تصعب عليكم المسالة.

" في عقد الأشعري وفقه مالك وفي طريقة الجنيد السالك " هذا بيت شعري من متن ابن عاشر الذي كان يحفظه الزواتنة كما يحفظون الالفية. والمتن هو منظومة في أصول الدين والعقيدة والفقه المالكي صاغها الفقيه المغربي عبد الواحد ابن عاشر المتوفى سنة 1631 للميلاد.

المتن ورد في شكل 317 بيت على بحر الرجز ويعتمده أهل المغرب الإسلامي تلخيصا لرؤيتهم في العقيدة والفقه والتصوف ومطلعه:

بـــسم الله الرحمن الرحيم

وصلّى الله على سيّدنا محمد وآله وسلّم

يقول عبد الواحد بن عاشر مبتدأ بسم الإلـــه القادر

الحمد لله الذي علّمنا من العلوم ما به كلّفنا

صلّى وسلّم على محمد وآله وصحبه والمقتدي

وبعد فالعون من الله المجيد في نظم أبيات للأمـيّ تفيد

في عقد الأشعري وفقه مالك وفي طريقة الجنيد السالك

وعقد الأشعري هو ما اصطلح عليه بعقيدة أهل السنّة والجماعة التي يرى أتباعها انها عقيدة جمهور علماء الأمة كما تبلورت من الباقلاني إلى الجويني إلى الغزالي إلى ابن العربي إلى ابن عاشور، وهي عقيدة التوحيد والتنزيه كما صاغها الأشعري بعد أن نأى بنفسه عن مذهبه المعتزلي، ولكنه حافظ على ما تعلمه منه في مواجهة المجسمة والحشوية وغيرها من الفرق الكلامية.

وفقه مالك معروف في الموطأ وقد تبلور في تونس نهائيا كمذهب لغالبية سكانها مع مدونة سحنون ثم استفاض فيه الشراح مع تبصرة اللخمي وغيره …

أما الجنيد السالك فنسبة الى تصوف أبي القاسم الجنيد النهاوندي البغدادي القواريري،ويعد الجنيد من علماء أهل السنة والجماعة ومن أعلام التصوف في القرن الثالث للهجرة و مما عرف عن تصوفه أنه منزه عن غلو المتصوفة في مسألة الذات و الصفات و غيرها ..

كما جعل الجنيد من التصوف مجرد سلوك واخلاق يرفض الانعزال عن الحياة العامة فكان عنده رياضة روحية معتدلة لا تصل الى شطحات الحلاج او البسطامي وغيرهما ممن صدمت أفكارهم ما تعارف عليه عامة الناس من معتقدات. ولذلك كان التصوف في تونس جنيديا بالأساس لا يتناقض مع الفقه المالكي والعقد الأشعري.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات