بدأه جوهر ويواصله .. من زنازينهم : بأمعائهم الخاوية طوقوا الاستبداد

عندما أطلق قيادي الحركة الديمقراطية التونسية جوهر بن مبارك إضرابه عن الطعام ، كان واضحا أن الأمر يتعلق بمواجهة جسدية مع الاستبداد يتحول فيها المعتقل الى موقع القاضي الذي يحاكم سجانه ويحشره في الزاوية ليؤكد أن المستبد لم يكن يملك غير القوة العارية للدولة لإسكات خصومه وأن الحركة السياسية السجينة لم تعد تملك غير جسدها الأعزل لتصرخ في وجهه.

لم يمض على صوت الأمعاء الخاوية اقل من أسبوع حتى سمعت كل تونس وسمع كل العالم صوت السقوط الى الهاوية التي يعيشها بلد / مهد الثورات العربية وبلد أول التجارب العربية في التدرب على الديمقراطية قبل أن يوقف " العنف العاري للدولة " مسار الانتقال .

التحق رئيس البرلمان الذي أغلقته الدبابة بإضراب جوهر ثم تقدم باقي الرفاق : عصام الشابي أمين عام حزب يحمل بين جنبات مقره في نهج " ايف نوهال" اغلب تاريخ مقاومة التسلط النوفمبري ثم عبد الحميد الجلاصي الذي عرفته اغلب سجون نظام أسقطته ثورة الحرية والكرامة وأخيرا رضا بلحاج أحد اهم مستشاري ورفيق رئيس التداول الديمقراطي على الحكم وأحد شيخي التوافق التونسي على حماية الانتقال المرحوم الباجي قايد السبسي .

وقف هؤلاء الخمسة بأطيافهم السياسية المتعددة أمام سلطة 25 ليؤكدوا بأمعائهم الخاوية أنها سلطة في مواجهة الجميع ..والجميع الذي تواجهه هو " تاريخ السياسة التونسية" التي قاومت الحكم الفردي في العهدين وأنصفتها هبة الشعب ذات شتاء من سنة 2011لتنطلق تجربة انتقال على علاتها كانت مصدر فخر عالمي لتونس ..وهل ابشع من أن تقف سلطة مستبدة أمام " التاريخ" و ضده وحيدة عارية إلا من " قوة الحكم الصلبة" ومزاعم " شعبية " لم يرها أحد لا في صناديق اقتراع ولا في شارع إسناد .

بعد أيام قليلة كان الانتصار الرمزي والأخلاقي " للجياع الى الحرية " على سلطة لم تجد ما يغطي عزلتها غير خطابات مخجلة وكثير من صفحات التهجم وهتك الأعراض .

نطق برلمان " الموالاة" ولم يستطع إغماض عينيه عن " جوهر" فتردد اسمه رغما عن السلطة داخل مؤسساتها فأجابت بما كان مصدرا اخر لإدانتها وازدراء ضحكتها " اصل الحكاية ما تضحكش "

تكلم الاعلام التقليدي الخجول والمكبل بالرقابة المرعبة ولم يستطع منع صوت " قرقرة الأمعاء الخاوية " التي طوقت ميكروفوناته وكاميراته .

أما " الناس " فقد تداولوا خبر الجوع " الاختياري " للمناضلين وتذكروا " الجوع الاضطراري " الذي تؤذن به وضعية اقتصادية واجتماعية يتصاعد تأزمها في بلد تبدو فيه السلطة عاجزة عن إطعام بعض الناس من جوع وتأمين أكثرهم من خوف .

على المستوى العالمي عادت تونس الى صدارة الأخبار والمقالات لتنطلق التقارير من حدث الإضراب عن الطعام للوصول الى طرح الأزمة الشاملة المركبة التي تعيشها البلاد .

في المحصلة لقد نجح جوهر بجوعه وجوع رفاقه في تحويل " السلطة"الى خبر محلي وإقليمي وعالمي في قسم الحوادث والأزمات ...وهذا هو الانتصار السياسي للحركة السياسية التونسية …

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات