ومع ذلك ...التطبيع خيانة …

Photo

مناكفات التونسيين المسيسين حول مواقف دول المنطقة من مسألة التطبيع وخصوصا بعد اعلان الامارات توحي بشكل مثير للضحك ان التوانسة يتحولون فجأة الى ناطقين باسم الخيارات الديبلوماسية لهذه الدول والنظم ...ولكنهم ناطقون بمعلومات ضعيفة ومهتزة …

تكفي نقرة على المواقع الاخبارية ذات المصداقية لنعرف تماما موقف تركيا وقطر وإيران وسوريا وروسيا من هذا الحدث ...تقاطعات الاقليم وتشابك المصالح وطبيعة صراع المصالح الدائر في المنطقة تجعلنا نفهم المواقف الحذرة والباهتة بل والتكتيكية لهذه الدول على سبيل الذكر لا الحصر من خبر اعلان هذا التطبيع …

المطالعة السريعة لهذه المواقف ستجعل ايضا السقوف العالية لمزايدات التوانسة على بعضهم وعلى دولتهم في هذه المسألة تحتاج كثيرا من التنسيب ...لا يتعلق الامر بتبرير بل بوصف لواقع الصراع الدولي في المنطقة.. سنكون سعداء جدا لو كان الوضع يسمح فعلا بتمني ان يكون موقف المقاومة هو سقف ديبلوماسية دول المنطقة العربية والاسلامية تجاه الامارات وامريكا واسرائيل لكن بين الامنيات والوقائع بون واسع …

اسمع يا صاحبي ...شد عندك

تركيا المرشح الرئيسي للأمريكان في الحد من الاندفاع الروسي والايراني في سوريا وليبيا لن تبحث عن ارضائنا في الموقف من الامارات وستنطق بما يكفي من جمل تخلطها "برؤيتها للحل الشامل في المنطقة"…

قطر الباحثة عن ضمان استمرارها كدولة لن تجازف بأكثر من هامش اعلامي على الجزيرة لنقد الانفراد الاماراتي بالتطبيع وتحليل خلفياته " غير المبدئية " بل المتعلقة بمصالح " النظام الاماراتي و " ازماته... "

سوريا التي تدافع على نظامها من " ثورات عربية " يقودها اسلاميون وترعاها تركيا وقطر لن تغضب كثيرا على امارات تتقاطع معها في مواجهة " الاخوان " ومراجعة قواعد الاشتباك بما يوقف " التدخل المتبادل في الشؤون الداخلية " للجيران …

إيران التي تحاول فك حصارها مع دول خليج تسميه " فارسيا " يستعديها لن ترفع كثيرا من سقف عداء لإمارات بدأت ترتيب " فصل المسارات " معها على قاعدة حسن جوار اقليمي لا يمنع دعما لمقاومة هناك بعيدة عن " الامارات " و " الممالك "…

روسيا التي تجهد نفسها للعب دور رئيسي في منطقتنا لمنافسة الدور الامريكي المتراجع لن تكون أكثر " مقاومة " لإسرائيل من العرب..

سيكون جيدا لنا كتونسيين لو نطقنا بمواقفنا المشتركة وتوقفنا عن النطق باسم ما لم نحط به خبرا ...والله اعلم …

ومع ذلك ...التطبيع خيانة ....

نحب طبعا اي " نتمنى " لو كان "بمقدور" دولتنا ورئيسها ان يعبر تماما وبالحرف عما يختلج في ضمير ووجدان الشعب التونسي من رفض صريح وتنديد بكل " نظام " عربي يمد يده للتطبيع مع الكيان المحتل ...لكن في غياب " شروط " تحقق هذه " الامنية " يكون الاكتفاء بسقف الدولة ممكنا حين لا يتناقض مع " أدني " المطلوب الشعبي منها وهو الانتصار للشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة والتذكير باعتبار الصهيونية مشروعا عنصريا احتلاليا بغيضا كما اكدته الشرعة الدولية قبل ان يتم انتهاكها ....

كتبت بين الامس واليوم تدوينات ثلاثة في حتمية حسن التحرك بين ما هو متاح " للشعب " احزابا وجمعيات ومجتمعا مدنيا وشارعا وما هو ممكن للدولة مؤسسات تنفيذية وتشريعية.. لا أحد يحتفظ بعقله السياسي البارد يمكن ان يطلب من رئيس الجمهورية ان يتصرف كرئيس حركة تحرر وطني تماما مثلما لم يكن أكثر من مزايدة طوباوية مطالبة الدستور التأسيسي وقتها ان يضع فصلا في مناهضة التطبيع في سياق دولة ضعيفة اقتصاديا واجتماعيا وعسكريا وبعيدة عن الاجماع الوطني او امكانية هذا الاجماع لتغيير جذري لتموقعنا الديبلوماسي لنصبح عضوا في محور " المقاومة " جنبا الى جنب مع إيران وحزب الله وحماس والجهاد وأنصار الله والحشد الشعبي -توة يسيبو فكرة التدوينة ويشدو في الجملة هذي- …

لكن في مستوى الصياغة و اخراج الموقف لو كنت مكان الرئيس اليوم لاستطعت استثمار الرأسمال الرمزي لتونس الثورة حتى ابدي رأيي كرئيس دولة مع ذلك لانقد عدم جدوى مسار التطبيع مع كيان ليست قوته متأكدة و لأؤكد ان الحكمة كانت تسمح للنظم ان تنحاز لضمائر شعوبها و ان تستقوي بشرعيتها و ان تحسن تحصين المنطقة عبر تطوير علاقات حسن الجوار بين دولها حتى لا يضطر احد الى الاستقواء بالعدو على حساب فلسطين حتى يحافظ على سلامة بلده او عرشه و كنت ربما لمحت ان الحرية و الديمقراطية و بناء دولة المواطنة تمنح الامة العربية شعوبا و انظمة كل الاحساس بالأمن و الاستقواء بإرادة شعوبها الحرة حتى لا تضطر الى التطبيع المذل الذي لا افق له و لا جدوى منه الا بما يخدم العدو لا العرب و لا حقوقهم القطرية او القومية …

مع ذلك تأتي علينا ايام عاصفات لن يجدي فيها وقتها خيارات مناورة بين الموقف واللاموقف وإذا أردنا تحصين تونس من الابتزازات القادمة لا محالة بقطار فرض التطبيع وتوضيح موقفنا منه.. وستاتي حروب تعيد فرزا حاسما في المنطقة وعندها لن ينفعنا الا دولة قوية حقا وموقف وطني ووحدة وطنية يجب ان نسرع منذ اليوم في نسجها وتحصينها والا فلن ينفعنا وقتها تنميق كلام ولا تدوير زوايا …

و مع ذلك كان بإمكان رئيس الجمهورية ان يجد صياغة اقل تحفظا في رفض مسار التطبيع الذي تريد ادارة ترامب / نتنياهو / و الخلجان فرضه على العرب كخيار وحيد لأمنهم و استقرارهم كما كان بإمكانه الاستقواء اكثر بموقف السلطة الفلسطينية و فصائل المقاومة المجتمعين اخيرا في لقاء موحد و بالسقوف العالية التي فتحتها الثورة التونسية و مواقف الاحزاب و الشعب التونسي لإعطاء موقف تونس من كل محاولة مستقبلية لابتزازها في هذا الاتجاه ….هنا تجي قدرة المستشارين و عبقرية فريق صياغة الخطاب الاعلامي للرئاسة و حيوية الديبلوماسية التونسية في عهد الثورة و الديمقراطية بعيدا عمن يصدع رؤوسنا بالعقلية " السلفية " البائسة متاع ضرورة الاستمرار في تقاليد هذه الديبلوماسية و كأنها قران مسطور لا محيد عنه فلكل عصر ديبلوماسيته ….بحيث ..

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات