الصراعات الوظيفية و اخر حشرجات الاستبداد .

الممكن الليبيرالي افضل من الفاشية الشعبوية : في كشف الخلفيات السرية لمواقفي

عندما نتأمل مضمون و اساليب الصراع التي تخاض ضد "النهضة " نجد ان الفرق الوحيد بينها و بين مضامين الصراع و اساليبه التي كان يمارسها النظام و قواه الوظيفية ضدها هو ان هذا الصراع يتم اليوم في اجواء العلنية اي في اجواء الحرية و ان هذا الصراع يتم معها وهي تمسك بتلابيب احد اجنحة الاستبداد لتشاركه في الحكم و تتخفى وراءه و تدعمه براغماتيا في مواجهة جناح اخر و اخيرا ان هذا الصراع يتم معها في سياق دولي تمكن فيه رئيسها الاستاذ راشد الغنوشي من تحقيق اختراق دولي عبر نيل ثقة قوى دولية متنفذة ترى في النهضة قوة شريكة ممكنة في الديمقراطية المقترحة على تونس و تعتبرها حركة اسلامية قابلة للاستيعاب في المشروع النموذجي التي يتم تجريبه للمنطقة ضمن التجربة التونسية التي يتم رعايتها بانتباه .

هل ان هذا الصراع الذي يخوضه ضد النهضة جناح دولي و محلي بالتعاون مع قوى وظيفية معلومة هو صراع معها لأنها "اسلامية" ؟

ابدا .وضحنا سابقا في مقالات عديدة و دقق هذا الامر اصدقاء كثيرون حين بينا ان الامر يتعلق بصراع مع النهضة تلاقت فيه قوى ترفض الانتقال الديمقراطي و اخرى تضادد الثورة و ثالثة تريد تحسين شروطها فيهما .الصراع مع النهضة هو لأنها شرط الانتقال بمعنى قوة التوازن في القوى المتاحة .الصراع معها تشارك فيه قوى تحدد اهدافها المختلفة من الاقصى و هو اسقاط الديمقراطية الى الادنى وهو ابتزاز القوة الرئيسية فيها لتحسين التسوية لصالح القديم لا لصالح الثورة .

هل الصراع مع النهضة و مركزته معها لأنها قوة ثورية راديكالية ؟

طبعا لا هي مجرد قوة اصلاحية بل احيانا مستعدة للمهادنة و فيها كما في كل الاحزاب بلا استثناء قيادات لا ترى مشكلا مع الفساد و الارتباط الدولي و لكن الصراع معها هو جزء من ضبط ايقاع التسوية و تحديد سقوفه عبر تدجين القوة البشرية و السياسية الاقوى .

بمعنى اخر لو كانت القوة الرئيسية في مقابل التجمع القديم و قواه الوظيفية و لو كانت القوة التي هي شرط الانتقال هي قوة يسارية او هندوسية او بوذية لكان ترتيب المشهد عبر صناعة الاستقطاب معها من خلال ابتداع معارك ثقافية باسم الاسلام و العروبة و اتهام هذه القوة بأنها عدوة الله و عميلة السوفيات و الصينيين مثلما يتم صناعة الاستقطاب اليوم على ان النهضة معادية للمدنية و الحداثة و عميلة للأمريكان .

بناء على ما تقدم و ضمن فهم ديناميات الصراع و حيله و على قاعدة الانتصار للانتقال الديمقراطي و الثورة. بشروط وطنية اخترنا باستمرار قبل الثورة و بعدها تحديد شروط صراعنا و معاركنا الرئيسية :

كل القوى التي اختارت باستمرار صف الاستبداد التابع حددت منذ عقود معركتها الرئيسية مع " الاسلام السياسي " و على قاعدة النأي بالنفس عن هذا التموقع الوظيفي في خدمة الاستبداد التابع فرزت نفسها كمعارضة راديكالية وطنية مختلفة عن المعارضة الوظيفية .

هذا جوهر الفرز. من سنوات الالفين الى وقت سقوط الاستبداد فالمعارضة التي خرجت من وظيفية الاستبداد هي التي جمدت صراعها مع الاسلاميين و استهدفت الاستبداد قبل الثورة و بنفس المنطق تم فرز القوى بعد الثورة و يتواصل الفرز نفسه الى الان :

القوى الوظيفية مع ابشع بقايا القديم تمركز الصراع مع الاسلاميين تعطيلا للانتقال و مضاددة للثورة او خدمة للتسوية على قاعدة القديم و القوى الثورية الديمقراطية التي تدفع الى التسوية ترفض الانخراط في الصراع مع الاسلاميين و القبول بالتسوية معهم منعا لإعطائهم للقديم او منعا لتوفيرا شروط تسوية لصالح القديم بهرسلة القوة الرئيسية .

جوهر الصراع بالمعنى الثوري الديمقراطي : هل يحتاج المشروع الوطني الى صراع على الاسلاميين مع القديم. لجعل التسوية بشروط الجديد ام صراع ضد الاسلاميين لتمكين القديم من تسوية بشروطه ؟

نقدر ان اسقاط مرحلة الترويكا بالقديم و قواه الوظيفية هو الذي اجهض نهائيا التسوية لصالح الجديد بين الوطنيين و الاسلاميين و هي تسوية كان سيكون فيها القديم طرفا ثالثا يندمج بشروط الثورة.

نحن الان و برعاية دولية في مرحلة التسوية بين القديم و الاسلاميين بشروط القديم و القوى الدولية الهيمنية في غياب الجديد الوطني و بخسارة نهائية للوظيفيين من حطب الشعول ..

بعقلية اصلاحية تقبل الادنى هذا الحل ، بالنسبة لنا كقوى ثورية وطنية هذه التسوية احسن من تسوية اخطر بين الوظيفيين و القديم الفاشي و الاستعمار الفرنسي الاماراتي ..

قديم ديمقراطي و اسلاميون ديمقراطيون تحت ابتزاز. قديم ديمقراطي اسلم لنا من قديم فاشي مع يسار فاشي و استعمار فرنسي …الهامش الليبيرالي يبقي على فرصة بناء القوة الوطنية اكثر من حكم يسار ستاليني فرنسي فاشي مع قديم فاشي. و قوى وظيفية ..و لله الامر من قبل و من بعد …

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات