إلى صديق: عن قشّارة التقدمية والحداثة أو الإسلام السياسي وعن اختراع الصراعات المزيفة حين القضايا الحقيقية،

Photo

إياك أن تقع في خدعة "إسلام سياسي في مواجهة تقدمية وحداثة وعقلانية"، هذه أكبر كذبة في تونس، هذا الشعب أصلا، منذ آلاف السنين، ينقسم إلى قشارة و"أصحاب أفاريات" في الموانئ والمعابر، ممثلو ثقافة الكونتوار والكوميسيون وكلمة بالعربي وكلمة بالفرنسي، يكرهون القضايا العادلة ويبتهجون بالاحتكارات ويراهنون على العلاقات مع قناصل الدول الأجنبية في مواجهة محافظين من الداخل وراء البلايك، ممن يملأون قلوبهم وأيديهم بمرجع زيتون في الساحل أو نخل في واحات الجنوب وصولا إلى حقل قمح صلب في دير الكاف،

أعرف "حداثيين" يشغلون في بيوتهم فتيات قاصرات في وضع عبودية ويمارسون التحرش بكل أنثى تتحرك في محيط سلطتهم، وأعرف فلاحين محافظين متدينين باعوا إرث العائلة لتدريس البنات في فرنسا وكندا، وناضلوا من أجل حقوق النساء. لسنا بصدد استعراض "غنائم حرب" التقدميين ضد السلفيين،

بالمناسبة أيها الصديق، أنا، سواء عندما أنطلق صباحا أو لما أتذكر يومي ليلا، لا أرى نفسي تقدميا أصلا، ولا حداثيا ولا علمانيا ولا سلفيا ولم أحتج لطرح السؤال على نفسي أصلا، وقد تفاجأ أصدقائي في عدة مجتمعات عربية بهذا التوصيف النخبوي الانتقائي الذي يشبه الانتماء إلى الطوائف الدينية السرية وعلاقات الوساطة لإسناد شهادة التقدمية والحداثة،

تخيلت وقتها سخافة أن تسأل امرأة عائدة من مصانع الشرقية في زحام وسائل النقل إلى حي التضامن عما إذا كانت تقدمية أو سلفية؟ وقال الي صديق لبناني (شيعي من حيث المولد، سني من حيث العلاقات، حداثي في التعليم الجامعي، سلفي محافظ في علاقته بالأسرة) مرة: "أنتم في تونس، نجوتم من التقسيم الطائفي والعقائدي والعرقي المتفشي في كل الدول العربية فاخترعتم لأنفسكم التقسيم الفرنسي علماني تقدمي في مواجهة ديني سلفي متشدد لكي تنسوا قضاياكم الحقيقية"،

والحقيقة أني لم أعثر على صراع تقدمي/سلفي إلا في برّ تونس، الذي عندما يصل إلى قضاياه الحقيقية، يرتد إلى قضايا سخيفة، "أنت في دارك حداثي وتقدمي وإلا لا؟ وفي علاقتك مع البلدية، يقال إنك سلفي متشدد؟"، يا للأسى، يا لضياع الوقت،

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات