عندي رغبتان من هذا العالم: الأولى أن لا يصلح أحد بين الرئيس ترامب وإيلون ماسك، خليهم يأكلون اللحم من بعضهم وأن تستمر احتجاجات لوس أنجلس حتى يحترق خليج الملائكة بمثل حرائق غزة، الثانية: أن تحقق مصر رغبتي كما أتوقع في التعبير عن سياستها الحقيقية بأن تواجه قافلة الصمود بإرسال الفرقة 21 مدرعة والفرقة 33 مشاة ميكانيكي التي تتخذ مقرا لها في مرسى مطروح إلى معبر السلوم على بعد 200 كم حيث ستقف القافلة، خلينا نقف على أرض صحيحة وننهي الخلاف حول طبيعة الأنظمة العربية، إنما أرجو أن يزداد مناضلو القافلة حماسا مع الطريق، أن ترافقهم عشرات القلوب في طريق المشقة والكرامة، هذه المرة ليس ضد الكيان الصهيوني بل ضد الدولة العربية،
وعلى ذكر الحدود المصرية، هاكه العام في بداية التسعينات، اقترحت تونس وليبيا على مصر خطا سياحيا نحو القاهرة مرورا بالإسكندرية تستفيد منه مصر، عاد بعد ثلاث سنوات من المفاوضات الأمنية، وافقت مصر وتم إعداد وفد من الصحفيين المقربين من الأنظمة العربية والمسؤولين لتدشين الخط السياحي ومديحه (أنا رفضت تونس مطلبي شفويا)، ليبيا وقتها ألغت بوابات الحدود وحافظت على إجراءات شكلية مع تونس لكن المشكلة أن شرطة حدودها لم تكن تملك أية إجراءات إدارية خاصة بالوفود الصحفية في بلد كان يعتبر الصحفيين الأجانب جواسيس وأعداء،
تم تجاوز الأمر باجتهاد شخصي كريم من مسؤول عابر لا أحد يذكره، المهم، بعد 1600 كم من بن قردان إلى معبر السلوم عبر مصراتة راس الأنوف أجدابيا، وصلوا إلى معبر السلوم مع مصر الذي كان عامرا بالعمال المصريين في ليبيا وسط ترحيب البسطاء ممن سمع من الشعب الليبي الرائع، عاد يروي لي بعض الزملاء أن شرطة الحدود المصرية التي يفترض أن عندها خبر وتعليمات بمرور القافلة أنكرت علمتها تماما بهم (باهي التثبت) وفرضت عليهم الانتظار لساعات طويلة في ظروف لا يتحملها أحد وكان عليهم أن يقضوا حاجتهم البشرية نساء ورجالا في الخلاء في ظل عدم الاحتياط بجلب الماء المعلب وسأوفر عليكم الكثير من التفاصيل المهينة هنا، لو كانوا كما أرى، لعادوا احتجاجا، لعن الله معابر الذل لكن ناس مشتاقة سفر واكتشاف ولا تسمح لها أجورها الهزيلة بذلك، المهم: بعد ساعات طويلة، تم التدخل الاستثنائي من جهات أمنية مصرية للسماح لهم بعد مراجعة هوياتهم واحدا واحدا، بالمرور لدخول الوطن الذي يستقبل عشرات الملايين من السياح الغربيين دون أية إجراءات أمنية،
إن قبلت مصر بدخول قافلة الصمود فكيف ستفسر سجن عشرات المصريين من أجل التعاطف مع فلسطين وكيف ستبرر منع المصريين من التوجه إلى الحدود في رفح؟ وهل ستسمح للمصريين بمرافقة قافلة الصمود نحو رفح؟ المسافة من القاهرة إلى رفح 360 كم فيها 360 ألف "كمين" وهي التسمية الحكومية لنقاط المراقبة الأمنية والعسكرية، وهي ليست لمراقبة من يهددون أمن مصر بل أمن الكيان الصهيوني، افهمني يعيشك، أنا حاولت ذلك في مارس 2011، قالت لي زميلة تونسية خدومة مقيمة في القاهرة إن الوصول إلى رفح "عمل انتحاري" بقطع النظر عمن يحكم مصر في الظاهر، وهو ما تم فعلا، لم أنجح في تجاوز ثلاثة أو أربع "كمائن" أعادني آخرها إلى القاهرة مقهورا،
حسنا، إن كذّب النظام المصري توقعاتنا المتشائمة لأي سبب وسمح بمرور القافلة إلى حدود رفح وهو مستحيل فسترفع القافلة شعارات ضد حصار غزة ضد من؟ الجيش المصري الذي يغلق الطريق أمام شاحنات المساعدات ويطلق أيدي عصابات سيناء للمضاربة في الأدوية وتأشيرات العلاج، هكه عيني عينيك؟ ضد ذراعه التي يبطش بها ويكافئ قادتها بتعيينهم في إدارة الدولة ومؤسساتها مقابل إطلاق أيديهم فيها؟ يعني كل ما نراه كل يوم من حرمان غزة من العلاج والغذاء "نعبث" به بإطلاق قافلة نحو رفح؟ ليكن الله معهم،