16 كلمة هي كل ما جادت به رئاسة الجمهورية علينا حول الزيارة المفاجئة للسيدة ميلوني إلى تونس، لا علاش ولا كيفاش ولا برنامج الزيارة ولا أية علاقة لها بزيارة الرئيس الجزائري إلى روما ولا زيارات المستشار الأمريكي إلى دول المنطقة ولا التحدي الإيطالي في منع الهجرة، الموقف التونسي المؤكد تجاهنا هو: آش يهمك؟ ادفع ضرائبك واسكت، لا تريد أن تشارك في الانتخابات؟ حتى نحن لا نريد ذلك، أكهو،
في أسوأ أزمنة بن علي، كان دائما ثمة مستشارون يمكننا الاتصال بهم، صحيح في القضايا الحرجة يرفضون أي تعليق ويصلون إلى حد التهديد أحيانا، أما في الباقي، يعطوك معلومات على الأقل حسب ثقتهم بك، المهم تفهم، اليوم أتحدى أي زميل قادر على الفهم فما بالك بالقدرة على إعطاء معنى للزيارة؟
وقد ذكرني ذلك بزمن عملي سكرتير تحرير في جريدة الشروق، يأتينا مقال بالفاكس من الرئاسة فيه هجوم مقذع على جريدة لوموند الفرنسية بسبب مقال فيها حول تونس لم نره ولم نعرف محتواه، لكننا ندخل العركة بنشر المقال من باب الدفاع عن النظام الوطني المستقل المناضل ضد الامبريالية الحديثة وتدخل القوى الاستعمارية القديمة ضد الدول الصغيرة التي تريد لها مكانا فقط تحت الشمس بلا بلا بلا وكلها تصب في مديح الحاكم العربي والتهيئة لبقائه هو وأسرته إلى الأبد في السلطة وتصوير كل من يخالف ذلك على أنه عميل الاستعمار متاع سفارات وفلوس بالدولار وخيانة وبيوع وإهدار دمه في الإعلام والقضاء والأمن…
ما هي وكالة آكي التي نذل أنفسنا لها لمعرفة ما تبخل به علينا المصادر الرسمية؟ لماذا لا يجد الصحفيون التونسيون أي "طرف متصل" بالسلطة وقادر على الإجابة على حاجة الناس إلى المعرفة حتى بالتخمين ؟ما يبقى في الذهن من برقيات آكي هو "تجديد العمل على مسألة مكافحة الاتجار بالبشر" أي حراسة الحدود الجنوبية لأوروبا ثم اتفاقية إلماد في ربط الشبكة الكهربائية التونسية بالأوروبية عبر إيطاليا، حيث إيطاليا وتونس “تُعدّان مركزين استراتيجيين لربط إمكانات إنتاج الطاقة في أفريقيا بالطلب المتزايد في أوروبا" هذا في بلد اضطر أن يسقط الأحمال الكهربائية وقطع التيار عن عدة أحياء ومدن بالتداول منذ بضعة أيام لأن الإنتاج المحلي لم يعد كافيا في ظل غموض الموقف الجزائري الذي تعود تزويدنا بحاجتنا في أوقات الذروة، يعني سنشتري الكهرباء الأوروبية بأية كلفة؟