مرافعة مواطنية ضد عشر سنوات سجنا من أجل تدوينة،

سيدي الرئيس، السادة المستشارون، وسعوا بالكم معي لتوضيح المأساة: رجل يكتب أو يقول كلاما فيه تهديد لرئيس الدولة، هي جريمة نعم، لكن الجريمة لها أركان معنوية وأخرى مادية، في الأركان المادية يسأل المحقق ثم القاضي ما إذا كان المتهم قادرا على تنفيذ جريمة تهديد السلامة الجسدية للسيد الرئيس، هل لديه سلاح أو علاقة مهنية وظيفية بهدفه تجعل تنفيذ الجريمة ممكنا؟ أم أن ذلك كان مجرد لغو عابر؟

ثم يقسم الناس إلى أشخاص ألفا، يعني زعماء وقادة رأي لهم القدرة على التأثير على الناس ويحمل كلامهم على محمل الجد في الأركان المعنوية والمادية وأشخاص لمدا lambda من عامة الناس لا علاقة لكلامهم بالتنفيذ، مثل "الزعيم" رحمه الله في دشرة نبر، كان يمتطي كار الثمانية ونصف إلى مدينة الكاف ويبدأ في شرب الخمر حتى يستوي عنده الأمر، وقتها يظهر له أن يخترع فضاء فايسبوك قبل ربع قرن فيدعي الزعامة وإفراغ قلبه وهو يقشتل بورقيبة وأعوانه أمام مقر الولاية،

نحن تلاميذ هائجون على الدولة وجبروتها وظلمها كنا نحسده على ما يقوله إلى أن يتولى أعوان الشرطة مساعدته على اللحاق بحافلة الساعتين ونصف التي كثيرا ما تنتظره، لم يحاكمه أحد على ما أعلم بل كان أعوان الأمن يبتسمون له: "برا زعيم عاد، أكهو"،

سيدي الرئيس، السادة المستشارون، بعد قرابة قرن، وبعد كل الدماء التي سالت من أجل الحرية والعدالة، يحكم القضاء التونسي على كهل متزوج، له ضمانة العمل والعنوان القار والأسرة، أب لطفل عمره 5 سنوات، خال من السوابق العدلية بعشر سنوات سجنا من أجل تدوينة يستحيل أن يكون فيها أو وراءها أي ركن مادي لاحتمال المرور إلى تهديد سلامة السيد رئيس الجمهورية، وعليه، أرى أن تكتفي العدالة بالركن المعنوي للجريمة وأن تعتبرها في أقصى الحالات نشرا لخبر زائف أو نميمة وأن تقضي بشهر من العمل المدني للصالح العام،

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات