للأسف، سنذهب في هذا الأمر إلى نهايته، إلى أسوأ مما تتوقع

"النيابة العمومية بالقطب القضائي لمكافحة الإرهاب أذنت بالاحتفاظ بالمحامي والقاضي السابق أحمد صواب مدة 48 ساعة على ذمة الأبحاث وتمنع محاميه من مقابلته"،

- إلى أين نذهب؟

- إلى القاع،

- أليس لهذا القاع من نهاية؟ حتى في أسوأ هواجسي لم أتوقع ما نحن فيه اليوم؟

- لا القاع ما يزال بعيدا،

- أليس لديك شيء إيجابي؟

- نعم: أنت تسأل عن القاع، إذن لديك وعي أننا ننهار، غيرك يعتقد أننا في الدورة الأخيرة قبل الرخاء والنعيم،

- هل يمكن تفادي ما نحن فيه؟

- لا، للأسف، سنذهب في هذا الأمر إلى نهايته، إلى أسوأ مما تتوقع،

كل مشكل عنده أصل وبداية، مثل مشروعي قانونين، الأول هو مشروع القانون عدد 2015/25 يتعلق بزجر الاعتداء على القوات المسلحة ولحسن الحظ لم يحظ بالمصادقة رغم تهديد نقابات الأمن المتنفذة وقتها برفع الحماية عن النواب والثاني هو القانون الأساسي عدد 26 لسنة 2015 مؤرخ في 7 أوت 2015 يتعلق بمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال، ورغم آراء أغلب أستاذة القانون من أنه مشروع يتجاوز مكافحة الإرهاب إلى خنق الحريات وإطلاق يد السلطة بالتعسف في الحقوق الفردية والعامة وأنه سيصبح "جبة" إجرائية تحتمل أي شيء، كان يكفي أن تشكك في دستورية مشروع القانون لتجد نفسك متهما في صف الإرهابيين، وهكذا حظي بالمصادقة تحت تأثير تتالي الجرائم الإرهابية،

اليوم، حدثني عن الجيل الذي ستكون فيه محكمة دستورية تقول إن ذلك القانون كان غير دستوري وأن محاربة الإرهاب لا تحتاج انتهاك رأس المال الوطني الأول: حقوق الناس والمجموعات،

الحكم بقرابة تسعة قرون سجنا

الحكم بقرابة تسعة قرون سجنا على جماعة التآمر على أمن الدولة في غياب تام لشروط المحاكمة العادلة، تسارع البلديات لإسقاط الأسوار المتهالكة بعد هلاك ثلاثة تلاميذ بسقوط معهد المزونة والمسارعة بتدبير سيارة إسعاف وسيارة حماية مدنية، الدعوة إلى تأسيس شركة أهلية لإعادة مصنع شكاير البلاستيك المتعثر في المزونة منذ توقف الأوروبيين عن شراء المنتوج في 2005،

سقوط سور معهد 8 فيفري في ساقية سيدي يوسف ثم إيقاف القاضي السابق أحمد صواب من أجل "التهديد بارتكاب جرائم إرهابية"، كلها تستوجب الإحالة إلى أهمية ظهور ساحر حقيقي يخرج لنا 28 مليار دينار من الديون الداخلية والخارجية لتمويل ميزانية 2025 أي ثلثها في بلد يحتاج إلى نسبة نمو تفوق 5 بالمئة لامتصاص الحد الأدنى من البطالة وتحمل تضخم الأسعار، لكن البلد لا يبدو معنيا بأي خطة إنقاذ اقتصادي لخلق الثروة بقدر الحماس الدموي لإحالة الناس لأجل إشارة يد أو عبارة في فايسبوك بتهم الإرهاب،

الإرهاب صناعة دول لتغيير السياسات، مقاومته ليست وسيلة حكم،

أراجع الحكم الصادر ضد الأستاذ العياشي الهمامي

مرارا، أراجع الحكم الصادر ضد الأستاذ العياشي الهمامي، هل يمكن فعلا أن تقترف الدولة جريمة "الزج به في السجن لثماني سنوات؟" وأفكر في سركونة المجيدة للعزلة التي تقع خارج كوكب التآمر على أمن الدولة، المشكلة أني حينما تمنحني سركونة سلام العزلة أفكر في الحكم على الأستاذ العياشي الهمامي بثمانية أعوام سجنا فتتسمم أجواء سركونة، أفكر في تحشيد الحلاليف والذئاب والثعالب والحنوشة ضد الحكم،

أكاد أجزم أن الأستاذ العياشي الهمامي هو أحد أكثر الأشخاص الذين اتفق الناس حولهم في تاريخ تونس لنزاهته وحكمة مواقفه ووضوح رؤيته وقدرته على التجميع قبل الثورة وأثناءها وبعدها إلى أن فوجئت بإحراق مكتبه في نهج المختار عطية انتقاما منه لأنه جمع وأوى اعتصام 18 أكتوبر 2005، إلا أن أهم شيء في تلك المبادرة هي أنها أثبتت لأول مرة أن الخلافات الإيديولوجية بين مختلف الفرقاء في تونس هي معركة مزيفة وخدعة النظام لصرفنا عن القضايا الحقيقية المشتركة وتوظيفهم ضد بعضهم وأن كل من يرفع شعار الخلافات الإيديولوجية من نوع حداثة ورجعية ودولة دينية ضد دولة مدنية هو في الصف الوظيفي للقمع وللديكتاتورية، لقد التقوا لأسابيع في إضراب جوع أو نضال بالأمعاء مضحين بصحتهم وحياتهم ضد نظام دموي دون أن يكون بينهم أي خلاف حقيقي ولا زال في مقدورهم أن يتجمعوا،

كنت في بداية التسعينات، صحفيا ناشئا عندما بدأت أسمع عن الأستاذ عياشي الهمامي بصفته محاميا ومناضلا نزيها من زملاء دراسته ومن زملائه المحامين حتى ضم مكتبه اعتصام مجموعة 18 أكتوبر في 2005 بعد سجن المحامي محمد عبو ثم تجرأ قاضي التحقيق المكلف بالقضية على الاعتداء بالعنف على عميد المحامين عبد الستار بن موسى، سخر الأستاذ العياشي الهمامي مكتبه في نهج المختار طعية لإضراب الجوع الجماعي الذي استمر لأسابيع وتناقلت وكالات الأنباء نبل وإصرار المضربين إلا في تونس كان محرما تماما الحديث عنهم في وسائل الإعلام، كان الذهاب إلي مكتب الأستاذ الهمامي جريمة صريحة في نظر النظام يتم اعتراضها من بعد 50 مترا عن المكتب إلى أن تم الانتقام منه بإطلاق البوليسية لحرق مكتبه كاملا في الليل في 30 أوت 2007 مع سرقة قرص حاسوبه،

أكثر شيء تحمست له هو اقتراح الأستاذ العياشي الهمامي لرئاسة المحكمة الدستورية، كانت تتوفر لديه كل الشروط الضرورية لحراسة الدستور وحماية حقوقنا الخاصة والعامة وضمان احترام القانون، من باب النزاهة، يجب أن نذكر أنه حظي بدعم تام من حركة النهضة رغم أنه كان مرشح كتل الجبهة الشعبية والديمقراطية والاتحاد الوطني الحر، لم تعترض عليه سوى كتلة مشروع تونس التي يتولاها حسونة الناصفي لكن إفساد مشروع المحكمة الدستورية كلها كان عم عمل الدولة العميقة والقوى الخارجية، إن إنشاء محكمة دستورية وعلى رأسها شخص مثل الأستاذ العياشي الهمامي يمثل إعلان حرب على طريقة حكم الأنظمة العربية وعلى علاقتها بالقوى العظمى، لذلك اتفقوا على إفشالها بأيد تونسية محلية فأفشلوها،

شرفني الأستاذ العياشي الهمامي بالاتصال بي مرارا لأجل مجال عملي في الصحافة، سأعتقد دائما أن تفكيره في هو شرف لي، مسؤولية، لديه القدرة على التجميع والوقوف في ذلك المكان الذي يجمعنا كلنا،

من مقترح رئاسة المحكمة الدستورية إلى ثماني سنوات سجنا بتهمة التآمر على أمن الدولة؟ أين أنت يا سركونة المجيدة؟

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات