تخيلوا لحظة أن شخصا يتم الاتصال به لتعيينه على رأس المجمع الكيمياوي فيطالب بشروط لقبول المهمة منها تمكينه من إجراء دراسات وإصلاحات لإنقاذ المؤسسة والموافقة على مشاريعه للإصلاح؟
هذا شخص كافر بالنعمة، لم يفهم أنه ليس مطالبا سوى بإقرار السلم والهدوء والسلام في المؤسسة لكي لا تكون مصدرا لإزعاج السياسيين تحت شعار "دبر راسك خويا، أمورك"، المهم أن لا نسمع بك أصلا، يستطيع أن يشغل أقاربه، يخصص موظفا للعناية بسيارته أو بيته، يدخل مصاريف عائلته في إنفاق المؤسسة، أوكي، لكن يصلحها؟ هذه خطيرة اختصاص يأتي من فوق الفوق، الاجتهاد الكبير جريمة،
واحد عينوه على رأس مؤسسة عمومية تعاني من صعوبات، بعد عامين، "استدعوه إلى مهام أخرى" وقد ضاعف مصاعب المؤسسة وحولها إلى كارثة مالية وديون وعجز دون أن يحاسبه أحد على ما فعل، هو أصلا لم يكن يقدر على فعل شيء، لا هو ولا من تم تعيينه بعده الذي ضاعف خسائرها،
ثمة فارق دقيق غامض بين الاجتهاد الإداري وسرقة المال العمومي فيصبح الاجتهاد الإداري فسادا، ثمة حالات كثيرة لمسؤولين فاسدين حيث "المال السائب يعلم السرقة" في طرق التعيين، لكن تسليمهم إلى المحاكمة يكون عادة لأنهم فشلوا في أشياء أخرى لا علاق لها بالفساد،
في المؤسسات العمومية، لا يعينون المدير على عقد أهداف، وبعد التعيين يكتشف أنهم يستمعون من ورائه إلى الوشاة والقوادين في المؤسسة فلا يفكر إلا في توقع الوشايات واستباقها وشراء السلم داخل المؤسسة، دوره هناك محكوم بمدى متانة علاقته بمن عينوه، وأيا كانت الحال، إذا نجح في تحقيق التوازن، فسوف ينجو من أية محاسبة نحو مؤسسة أخرى، لا يهمه إنقاذها ولا إفلاسها، سيبقى فيها وقتا ما ثم يذهب ويتركها إلى غيره بنفس الشروط،
إذا سمعتهم بمسؤول على مؤسسة عمومية ذهب إلى السجن، ففي أغلب الأحيان لأنه لم يحسن إدارة العلاقات مع من عينوه،