عن هذه العلاقة "غير الأخلاقية بين الدولة والسيارة"

عندما شرفني العزيز منجي مرزوق في العمل في ديوانه في وزارة الطاقة والمناجم، كان أكثر سؤال يحيرني، قادما من عالم الصحافة الاقتصادية: لماذا لم نتقدم قيد أنملة في مجال العربات الكهربائية؟

ما لا يعرفه الناس أننا قضينا أغلب الوقت في "إعادة اختراع الوزارة" المستحدثة في انفصال موجع قانونيا وإداريا عن الصناعة، وكان علينا أن نثبت في مواجهة عاصفة الحجر الصحي معولين على أنفسنا فقط، ثم أن نثبت في مواجهة النيران الصديقة وفوضى حكومة بعدة رؤوس ومفاوضين من خارج كفاءات الوزارة في الكامور وفسفاط قفصة وغيرها،

رغم اكتئاب الأزمة، لم أفقد شهية السؤال لكن لا أحد كان يملك الجواب، لأن معضلة تلك الآلة الأكثر نهما للوقود المدعوم "السيارة" ومعها الحافلات والشاحنات لا تقع تحت طائلة وزارة الطاقة ولا مؤسساتها ولا أحد يستمع إلى مقترحاتها التي من شأنها التخفيف على الدولة في دعم الوقود، بل وزارة المالية وحدها، بديوانتها وضرائبها الفاحشة التي لا تستشير أحدا والتي تعتبر توريد سيارة عادية جريمة جبائية تتطلب جملة من الضرائب الفاحشة،

حسنا، لقد عصفت السياسة القذرة بتلك الحكومة ذات الرؤوس المتعددة والتي كان على الكثير من أعضائها أن يقاوموا "الضرب تحت الحزام" أكثر مما ينظرون في ملفاتهم، وفيما يتجه العالم إلى القتال حول سوق السيارات الكهربائية ذات الاستهلاك الذكي للطاقة، اكتشفت الحقيقة الطريفة، وأهمها أن قريبا لي جلب معه من هولاندا سيارة "هجينة" يعني فيها محرك بنزين بأربعة خيول ومحرك كهربائي وبطارية تمكنها من السير إلى 200 كم، عدنا على متنها من حلق الوادي إلى الكاف بأقل من ست لترات من البنزين، لأن فائض قوة محرك البنزين يذهب إلى البطارية التي هي قابلة للشحن من المحرك أو من كهرباء البيت، قلت له: "أنت جعلت الدولة تربح الدعم على 15 لترا من البنزين المستورد بالعملة الصعبة"، قال لي: "طلبت من الديوانة احتساب الضرائب على تونستها، قالوا لي: 22.5 ألف دينار"، لماذا؟ هي ليست رباعية الدفع ولا فاخرة، بل مربحة للدولة؟ قال: "اعتبروا أن قوتها 4 خيول بنزين مع أربعة خيول كهربائية، ثمانية خيول، ثم هي مصنفة سيارة ذات محركين مع عدة مقاييس رفاهة تتحول إلى ضرائب، يعني تدفع ضعف الضرائب على السيارة العادية"، يعني شماتة وتنكيل مالي بكل من يفكر في توريد سيارة كهربائية،

حسنا، لإقناع أمثال هؤلاء بأن الحافلات الكهربائية ستحل جزءا كبيرا من العجز الطاقي في تونس، دون اعتبار خطر التلوث وكلفة التشغيل لأن المحرك الكهربائي يتكلف ثلث المحرك الحراري، فقط البطاريات ما تزال مكلفة، ثمة مسافة طويلة ومعقدة وشعبوية، لا يحلها إلا الله،

في تعريف الشعبوية:

- أنا عندي اعتقاد أن السيد الرئيس لا يفهم في الاقتصاد ولا في السياسة وليست عنده حلول لأي شيء، ثم إنه لا يستمع إلينا أصلا، يعيش في عالمه الليلي الغامض مع الشرطة والحرس والجيش والصواريخ على منصاتها حيث يصنع وحده القوانين على عجل،

لا يفرق بين المليار والمليون ويعتمد معلومات غير صحيحة ويسخر من منظمات التقييم الاقتصادي ثم يتوسل إليها لإقراضه، يهاجم مخازن البطاطا والحديد ويتهم الغرف المظلمة والأشرار، دون أن يقدم لنا أي شخص متهم بهذه الأشياء رغم سلطاته الواسعة والأجهزة التي تحت سلطاته والتي تتيح له أن نعرف ماذا إذا كانت المحمصة التي تعيشناها البارحة مالحة وأن مجرد وشايات سخيفة دفعته إلى إقالة قضاة شرفاء، السلطات التي تتيح له دستوريا تغيير المنوال الاقتصادي بمرسوم وإطلاق حريات الاستثمار والتخفيض من الضرائب المجحفة وملاحقة المتهربين من دفعها ولوبيات التهريب والرخص…

- لا عندك اعتقاد ولا شيء، أنت لا تعتقد، أنت فقط اخوانجي عدو الوطن، تريد عودة جماعة العشرية السوداء،

- أيه؟ وما الحل؟

- الوطن لم يعد يتحمل وجودكم، لا مكان لكم،

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات