في الاستثمار الياباني في تونس: كان ثمة حاجة، توه تجي بطبيعتها،

ثمة نكتة قديمة عن تونسي ذهب إلى طوكيو وعمل فيها نومة تونسية حتى طلع النهار، فجلبوا له سيارة الموتى من باب الاحتياط، سأعود إلى واقع الكفاءات التونسية في اليابان،

ثمة شيء ناقص بشكل موجع في مؤتمر طوكيو العالمي للتنمية في إفريقيا "تيكاد 8" وهو عدم استيعاب الثقافة اليابانية، حيث العاشرة صباحا تختلف جذريا عن العاشرة وخمس دقائق وحيث ضياع 20 دقيقة يعني نهاية العلاقة، وحيث عبارات مثل "كان ثمة حاجة توه تجي بطبيعتها" وأشبيك مزروب، وخلي نعملوا قهوة قبل، والمدير إلي يصحح مش هنا، مشى للعمرة ومن بعد عنده عرس بنته، هذه كلها عبارات بذيئة لها معنى عدواني قبيح في علاقات العمل،

أحد أسرار قوة مصانع تويوتا أنه من مسؤولية أي عامل، أيا كانت رتبته أن يوقف سلسلة الإنتاج إذا لاحظ شيئا غير مطابق للمواصفات، تماما كما هم في حكومتهم، حيث أي موظف يطبق القوانين دون الحاجة إلى عبارات من نوع "بالشوية يا ولدي؟ ياخي تحب تتفرقع؟ حتى يجي مدير الديوان وحتى يشوف وحتى يوافقوا؟ ياخي لعبة هي؟

وبالعودة إلى التونسيين في اليابان، فقد استجوبت مرة للجريدة في بداية التسعينات، شابا تونسيا صفاقسيا من ذلك النوع الذي ينجح بأكثر من 19/20، وقرى قرى قرى في الرياضيات والتصرف، واشتغل في أمريكا حيث تعلم اللغة اليابانية حتى استقر به المقام مديرا لفرع خارجي في بنك ياباني شهير في طوكيو، عاد أكثر أجوبته كانت عن الاختلاف الكبير بين الثقافة التونسية في العمل ومثيلتها في اليابان حيث معدل الإجازة السنوية 11 يوما فقط ومعدل ساعات اليوم يمتد إلى 8 ساعات، فيما كان أمثاله في تونس يضربون 40 يوما إجازة سنوية لا نقاش فيها و13 عطلة سنوية قارة وشهرين حق المرض خالص الأجر و50 ألف طريقة للحضور متأخرا الصباح بسبب الرضاعة ومشاكل النقل والطقس والمهرجانات والناموس وغيرها،

حين تتعامل مع اليابان، فيجب أن تضع في اعتبارك أنها البلد الوحيد في العالم الذي ضرب بقنبلتين نوويتين ورغم ذلك عاد، اعتمادا على ثقافة العمل وأن العاشرة صباحا ليست العاشرة وخمس دقائق ليصبح ثالث أقوى قوة اقتصادية يمكن الوثوق بها في العالم، سلعة يابانية يعني أغمض عينيك وخذها، هذا هو الفارق بين العاشرة والعاشرة وحمس دقائق،

هم أصلا، منذ عدة قرون يصنعون سكاكين لا تفسد أبدا، كانت سيوفا لأعدائهم ثم آلات شديدة الحدة والدقة لصناعة الحضارة، وفي حالات الإخفاق، يستعملونها للانتحار النبيل على طريقة هيراكيري عند الفشل، تفاديا لخجل الفضيحة، عندنا نحن، تجده مسؤولا على 500 ألف فشل منذ 30 عاما، ورغم ذلك يمد وجهه بلا خجل في باب السلطة، ويريد اليوم أن يشتغل مع اليابانيين أيضا،

الكاتب الياباني الشهير يوكيو ميشيما انتهى إلى تقطيع بطنه وقلبه في صدره لأجل أفكاره، أما صاحب جائزة نوبل للأدب كنزابورو أوي من أجل رواية "الموت غرقا" فقد رفض أغلب الجوائز التي أسنت إليه بعد ذلك، احتراما لكلمته وأفكاره، هذه مجرد فكرة عابرة عن اليابان،

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات