في سيرة أحمد نجيب الشابي وهو يستسلم للقديمة،

أحمد نجيب الشابي رفض حضور جلسة اليوم في قضية التآمر لأنه يعرف أحكامها مسبقا ويتوقع تأييد الحكم ضده بـ 18 عاما سجنا، الرجل في الـ 82 من العمر، يعني، أطال الله عمره، أن يغادر السجن في سن 100 عام؟ أربعة فترات انتخابية رئاسية مقبلة؟ ثم، عمليا، من أجل أية جريمة واقعية بأفعال مادية تستحق كل هذه العقوبة؟

عندما يبلغ مناضل ومحام بتاريخ أحمد نجيب الشابي مرحلة اليأس من عدالة بلده فيرفض المثول أمامها لعدم جدوى العدالة، فهذا يعني أننا على حافة فقدان قيمة العدالة نفسها ومفهومها، يروى أن رئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل كان يتفقد العاصمة لندن بعد القصف الألماني حيث تدمر كل شيء، سأل عن القضاء البريطاني، قيل له إنه بخير، قال: "إذن بريطانيا العظمى بخير"، العدل أساس العمران،

أنا عرفت "الأستاذ" أحمد نجيب الشابي أول مرة في مدرج "قصر العدالة" في محكمة تونس الأبتدائية في أفريل 1989 في قضايا حقوقية ولم أسمع أبدا أنه تورط بأي شكل من الأشكال في فساد، كان صوته وقامته المديدة مثيران للاهتمام وسط أسماء عالية في مجال الحقوق والحريات، الرجل بدأ نضاله في 1968 بالسجن الذي قضى فيه عامين من أجل تحركات طلابية، ومن وقتها، والرجل دفع من ماله ودمه وصحته ورفاهة حياته وحياة عائلته من أجل الشأن العام بما أمكن من الطرق السلمية،

بعض ما دفعه كان من أجل التوافق بين فرق المعارضة التي نذر نفسه لها وتعرض للتنمر منها، فتح كل التحركات السياسية التي قادها أو شارك فيها للجميع دون استثناء من أجل القيم المشتركة في الوطن في مواجهة السلطة الغاشمة التي تجمع كل السلطات، لا يعتب عليه الناس إلا مشاركته الساذجة في حكومة إفشال الثورة وقد يكون أساء إدارة صورته السياسية العريقة في بعض الأوقات حتى أني أحببت أن أكتب كتابا بالاشتراك معه حول تجربته السياسية الثرية،

الخلاصة: رجل بحجم أحمد نجيب الشابي وراءه ستون عاما من النضال يفترض أن يتنقل بين مراكز البحث والتفكير وكليات الحقوق والعلوم الاجتماعية للمحاضرة في الشأن السياسي ليس فقط بصفته مناضلا صلبا بل أستاذ قانون ومحاميا في أغلب قضايا الحقوق في تونس وشاهدا على العصر حقا، أن يقدم للناس أجوبة حول خيباتنا المتتالية منذ سبعين عاما في إنشاء دولة تحترم كرامة الإنسان ولا تحكمه بالقمع البوليسي والسجون والمنافي، كيف صنعنا الطاغية بورقيبة وبعده بن علي وما حدث بعدهما، في تفكيك الفهم الشعبوي للسلطة والقانون والحقوق، إنما، ابحث عمن يحكم بر الأيالة التونسية نفسها،

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات