هذا هو المنوال الاقتصادي التونسي الخاسر

كم من مرة، يفحم أحد خبراء الاقتصاد محدثه بالسؤال: "ما هو المنوال الاقتصادي الذي تريد تغييره؟"، وهو سؤال وجيه لكني لم أسمع أحدا يجيب عليه بوضوح. المنوال الاقتصادي التونسي هو وريث الاقتصاد الملكي حيث الخليفة، أو الأمير، أو الباي، أو الرئيس يعتبر الأرض وما عليها ملكا له فيوزع العطايا والاحتكارات على أنصاره وأقاربه وعلى من يساعده في توطيد سلطانه على الثروة والمال الذي هو عصب السلطة بالتنكيل بخصومه،

هذا المنوال يقوم على "الرواليتيز" royaltiesأي نصيب الملك/الرئيس/المدير مقابل الاحتكار، أي أن يصدر الملك قوانين تعاقب غيرك عند منافستك، لذلك استثمر هذا المنوال في نظام الرخص التي كان بورقيبة ثم بن علي يحرصان على جعلها مكافأة مقابل عمل استثنائي: رخصة مقهى، رخصة حانة، رخصة دخان، رخصة نقل، رخصة توريد وغيرها، وهي رخص قابلة للتوريث والرهن وتعتبر رأس مال في حد ذاتها، وأغلب الثروات الوطنية الحديثة نشأت من هذه الاحتكارات ومن توزيع أملاك الدولة على المقربين،

في العصر الحديث جدا يستمر منوال royalties تجاه من يحكم بدل إطلاق حرية العمل مقابل الضرائب الحقيقية على الإنتاج، ذلك أن نصف الاقتصاد التونسي يدفعها إلى موظفي الدولة علنا في شكل مصاريف رخص واحتكارات حيث تصل رخصة بيع الشراب مثلا إلى مليون دينار أو سرا في شكل رشاوى عبور، تسريع ملفات أو دفن أخرى، مفاضلة في الصفقات العمومية، إعفاءات ضريبية، القائمة تطول، هذا هو بكل بساطة المنوال الاقتصادي التونسي الذي يجب تغييره،

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات