عن معنى المرارة في السجن

أدان السّياسيّون الموقوفون بسجنيْ منّوبة والمرناقيّة، اليوم الخميس، في بيان مشترك، العمليّة الإجراميّة في جزيرة جربة، كما ترحموا على أرواح الشّهداء الأبرياء من الأمنيّين والمدنيّين، متقدمين لعائلاتهم بالتعازي"،

أنا ذقت مرارة الحبس صغيرا محكوما بالسجن لخمس سنوات ونصف قضيت منها ثلاثة أعوام في السجون الوطنية تلميذا من أجل مظاهرة فاشلة في مبيت معهد ثانوي انتهت بإحراق جراية موس بلا غلاف، وسجن معي عدة عشرات من تلاميذ بلطة وبوسالم من أجل مظاهرات في الطريق العام، كلنا حكم علينا القضاة التونسيون الاكثر نيلا للأوسمة الوطنية والسواني والخيرات الوطنية بالسجن لخمسة أعوام وفرقونا مثل فروخ الحجلة من بيت الصغار في حبس الكاف بين سجن برج الرومي الرهيب وسجن الناظور لسبع وأربعين درجة تحت مستوى البحر وسجن القصرين المركزي، أي؟

راهي مرارة الظلم تحسها في طعم السكر حتى تفقد معنى الحلاوة التي تصبح ذكرى بعيدة، إن كنت تشرب القهوة أو الشاي (البوخوخو، هذا اسمه في السجن وليس اسم السحر) بالسكر، ثمة سجين في بيت الخدامة في سجن القصرين المركزي (العقوبات المطولة) مد لي حكة السكر وقال لي: عندي سبعة عشر عاما لم أذق السكر خارج السجن، أنا أحس طعمه هنا مرا، أنظر ما إذا كان له نفس الطعم الذي نعرفه لأنك جديد (عندي وقتها عامين ونصف سجنا وهو كان محكوما بالمؤبد مرتين)،

الهواء في السجن مرّ إن كنت مظلوما، السكر والملح والسلاطة وحليب الباكوات الدلاع كان فيه مرارة السجن، كلها مرة، ومن وقتها بدأت أشرب القهوة والشاي من غير سكر، لم تعد لي قدرة على تحمل أي شيء حلو،

وين تحب أن أعرف أيي طعم العملية الإجرامية وأنت تضع حذاءك العسكري على رقبتي؟ إيجا معايا ذوق الظلم، ومن بعد اسألني عن طعم الهواء،

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات