وين تحط نفسك تصيبها…

Photo

الخبر ليس: "المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل توجه دعوة رسمية إلى الجزائر لحضور مؤتمر برلين"، بل: "ألمانيا ومن ورائها أوروبا تستثني تونس من التباحث في الشأن الليبي"، ثم "مصر تستهين بتونس في الملف الليبي وترفض دعوتها إلى اجتماع يوم الأربعاء مع فرنسا وإيطاليا واليونان وقبرص"، المهم: هي الزاوية التي ترى منها ما يحدث، وين تحط نفسك تصيبها، أما ما يشاع من رهبة الرئيس التونسي من الطيران، فلا شأن له بالحكاية،

عدد من الأصدقاء أحالوني على البيان الذي نشرته رئاسة الجمهورية على صفحتها حول اتصال المستشارة الالمانية بالرئيس قيس سعيد، بعد أن شدت كل يد أختها في ما يتعلق بليبيا: الأتراك أرسلوا مقاتليهم إلى ليبيا، ألمانيا دعت من تراهم أهلا للحل والربط في ليبيا والجزائر استقبلت السراح ووزير الخارجية التركي، ومصر فضلت ازدراء تونس ودعوة قبرص واليونان وفرنسا وإيطاليا لمعالجة الشأن الليبي الذي نحن في تونس أولى به لعدة آسباب أخرها أن تونس ما تزال تترأس الجامعة العربية، وأولها أن كل الأشقاء الليبيين من المخيمين يعيشون في تونس وأن جنوبنا مفتوح على كل الاحتمالات الليبية،

هذا اسمه في السياسة: دروس تدارك للغائبين عن الدروس الأساسية، والدليل جاء في بيان الرئاسة بخصوص المهاتفة مع المستشارة: "مواصلة التشاور" وليس الدعوة للحضور والمشاركة،

كنت أود أن أكتب عن زيارة أردوغان إلى تونس وأسباب عدم امتدادها المنطقي إلى الجزائر المعنية بصراع ليبيا، لكن كان يمكن فهم ذلك في إطار الوضع الانتقالي الحساس في الجزائر الذي توضح بعد ذلك سريعا بحكم استعجال الوضع: "مع الحكومة الشرعية في طرابلس مع التحفظ" وهذا يمكن فهمه في علاقته بتداعيات اتفاق الصخيرات في المملكة المغربية، الشقيق اللدود الذي استثنى الجزائر،

الآن حسنا: إن ما بقي في الذاكرة من زيارة أردوغان إلى تونس هو فقط انزعاجه من رائحة الدخان، لكننا لم نجد أي أثر لتلك الزيارة في حسابات مختلف المتدخلين في الشأن الليبي، باستثناء أن الموقف التونسي غير ناضج وغير إيجابي،

المصريون الذين لا يستطيعون شرب كأس ماء في ليبيا دون مساعدة تونس لم يدعونا إلى اجتماعهم يوم الأربعاء في القاهرة وفضلوا حضور قبرص مثلا، أما الألمان، فيملكون مبررات منهجية قوية لاعتبارنا أقل من الدعوة للمشاركة في تحمل المسؤولية والاكتفاء بما يشغل وسائل الإعلام السخيفة في بلدنا: "مواصلة التشاور"،

لن أتحدث عن نوايا الأتراك فهذا موضوع عبثي في تونس، لكن يمكن تبين خيبة الرئيس التركي من النزر القليل الذي تم نشره عنها ممثلا في مواقف نرجسية لنخب في تونس تنشط في وسائل الإعلام لكنها منعزلة تماما عن الواقعين التونسي والدولي وليس لها أي تأثير عملي يمكن التعاطي معه لا للأتراك ولا للألمان ولا غيرهم،

إن أخطر دليل على سلبية الموقف التونسي ونقص نضجه هو عدم تعويل أي شق من الليبيين عليه، السراج الذي يضع كل بيضه في سلة تونس لم يعد يعول عليها، ذهب إلى الجزائريين لأن عندهم مؤسسة علاقات خارجية عريقة وناضجة، أما حفتر، فله برامج معروفة تجاه تونس، لا يحب "كرانكة" التلفزات الحديث عنها،

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات