قبل، زمن بن علي والقمع ومجلة الصحافة القديمة، كان الصحفي المحترف يحتاج 17 عاما لكي يصبح رئيس تحرير كما جاء في الاتفاقية المشتركة للصحافة في قانون الشغل، أساسا أن يثبت كفاءته في كل الأجناس الصحفية ويفهم أسرارها ويعيش حلقات العمل الصحفي التي هي نفسها في أمريكا أو بنغلاديش أو اليابان أو تونس: تغطية الانتخابات الكبرى حتى إن كانت مزيفة، المقالات الميدانية من الكوارث والأحداث التي لا يخلو منها وطن، الحوارات ذات العلاقة بالأحداث الكبرى،
 بعضنا كان يرمي نفسه في الحروب والأحداث الخطيرة لكي يوثق للمجتمع والأجيال القادمة حقيقة ما حدث، أما اليوم، فقد أصبح كل "فزغول" وراءه مال، لا يفرق بين الضاد والظاء فما بالك برسم الهمزة والعدد والمعدود ولا بين الخبر والتعليق ولا يحسن شيئا من الأجناس الصحفية ويكتب هنا باللهجة العامية للتخلص من قواعد الرسم لأنه لا يتقنها، 
رئيس تحرير لا يشق له غبار لا يتحمل أن تذكره إلا مادحا شاكرا لأن الله أنعم به علينا، يطلع لك فجأة دون تاريخ مهني، دون أن يرهق نفسه في تعلم المهنة، دون حاجة إلى إثبات جدارته في كتابة حتى ريبورتاج وحيد، بدأ المهنة في الصالونات المترفهة وظل ينتقل من مكتب مكيف إلى آخر، من أجر يساوي خمسة أضعاف الأجر الأدنى للصحفي خريج معهد الصحافة إلى عشرة أضعافه، 
أي فيه الشفاء وصحة، أما لا تدعي أمامنا أنك عريف المهنة الذي اخترع الماء الساخن؟ "لا ما تحبش وما تتحملش؟" صحة، طريقك جربوه قبلك، اشتغلوا بهم، ولما انتهت مهمتهم، تخلوا عنهم، وقتها سوف يسألونك: ما هي خبراتك الحقيقية؟ هل تحسن كتابة ريبورتاج، قلنا لك ريبورتاج وليس مقال رأيك الشخصي؟