في النتائج الإيجابية لمنع تظاهر جبهة الخلاص

طويل العمر، السيد والي تونس لم يوافق إلا على طلبين فقط بخصوص التظاهر يوم 14 جانفي مع الرفض المنجهي لمطلب جبهة الخلاص، المعارض الرئيس والمبدئي للسيد الرئيس ولما يحدث هذه الأيام، الأول، للقطب وحزب العمال، التكتل والجمهوري والتيار الديموقراطي.

ودون أي خلفيات سلبية، ليس بإمكان هذا الخماسي أن يجمع ثلاثة آلاف متظاهر هذه الأيام، أما الهيئة الوطنية لدفاع عن الحريات والديمقراطية التي تدعم الأستاذ العياشي الهمامي في محنه العادلة منذ أكثر من ثلاثين عاما، أكثر التونسيين جلبا للاحترام هذه الأيام، فإمكانها التظاهر فقط في مربع مدارج المسرح البلدي لمدة ساعتين لا غير حيث يمكن إغلاق المربع بالقوة العامة والاكتفاء بالحد الأدنى من الحاضرين لسهولة عزل المكان،

وأنا بعد 34 عاما من ممارسة مهنة الصحافة في الميدان، لا أعرف طريقة عملية لمنع أنصار النهضة مثلا أو ائتلاف الكرامة، الذين يتوقعون أكثر من عشرين ألف متظاهر من دخول شارع بورقيبة يوم 14 جانفي للتظاهر إلا إذا كان البوليسية سيتجشمون المتاعب النفسية لعبارة "إيجا هنا، أنت من النهضة أو ائتلاف الكرامة، ارجع منين جيت" ويتحملون حماقات خيارت السياسيين، مع ما يعنيه ذلك من متاعب أمنية،

الباقي، أن مثل هذه القرارات ستؤدي إلى ملء الشارع بالمزيد من الغضب والتوتر، حيث يفترض أن يكون الوالي شخصا محايدا سياسيا وليست مهمته التضييق على النشاط السياسي وأوله التظاهر والاحتجاج، وكان في مقدور الولاية أن توزع المحتجين بين شارع بورقيبة وشارع محمد الخامس،

إلا أنها اختارت المنع والتضييق الممنهجين في موقف سياسي من جبهة الخلاص في منعها من حقها من تنظيم تظاهرة سلمية مثل بقية المتظاهرين، وهذا له نتائج إيجابية حقا، إذ ثمة عداد قيمي في اتجاهين مختلفين: الأول يفقد دعم الشارع تدريجيا ودعم الواقع، والثاني يتصاعد مدعوما بالوضع الذي يزداد سوءا في ظل الحمق الحكومي والخيارات الخاطئة وغياب الحل أصلا، لا اليوم ولا غدا، مجرد إضاعة وقت تحول التظاهر إلى عنف وخروج عن السيطرة، هذا ما قرأناه في كتب التاريخ وعلم الاجتماع والاتصال، وإلا لماذا درسنا؟

زيارات الليل للرؤساء يمكن أن تؤدي إلى خروج الموضوع عن السيطرة وطياح القدر

سامحني سيدي الرئيس، هذه الزيارات الليلة الفجئية في باب منارة والمنيهلة، وكان تتذكر زيارة بائع البيض في الليل، راهي حكاية فالصو طول وعلى الحائط، فمما ورثنا من التنكيت على بن علي أنه كان مغرما بمراقبة الناس وزيارتهم فجأة للاطلاع على آرائهم الحقيقية،

عاد قالك مرة جماعة، حاشاك سيدي الرئيس، يشربون الكحول بالقازوز (زنبريط)، عاد جلس معهم وحاول أن يكون طبيعيا للتقرب إليهم فمدوا له كأسا كان عليه أن يشربها في فم واحد مثلهم ليعيد الكأس لمن بعده، قال لهم: هل عرفتم من أنا؟ الجماعة هامشيون لا يشاهدون التلفاز وليس لهم فيه أي مصلحة، قالوا له: من غير محقرانية، لا. مدوا له الكاس الثانية، قوية، ألكول صافي، شربه بالسيف أما أثرت فيه، قال هم: بالحق؟ لتوه ما عرفتوش شكون أنا؟ شيء، الجماعة ينظرون إلى بعضهم وحشموا وقالوا له: تي اشرب بركة، محسوب؟ شكون أنت؟ شرب الكاس الثالثة وأحس بالنار في جواجيه من الكحول وكاد أن يتقيأ قلبه، أما ما عادش فيه، قرر أن يقرب لهم الصورة ويجرب رد فعلهم، قال لهم: أنا والي تونس، عاد الكبير في الجماعة والفايق فيهم قال: يزي ما عادش ترشبوه، كاس أخر ويقول أنا زين العابدين بن علي،

الحكمة: زيارات الليل للرؤساء يمكن أن تؤدي إلى خروج الموضوع عن السيطرة وطياح القدر وضياع القضية،

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات