يعجبني تمسك حركة حماس (الإخوانية إن تناسيتم) بأولوية الإفراج عن القيادي في حركة فتح مروان البرغوثي (فتح متاع عباس الخائن) والأمين العام للجبهة الشعبية أحمد سعدات (يسار اليسار)، أفهم ذلك خارج تونس الضيقة المريضة بتاريخها وبنخبها العليلة التي ما تزال تطحن مصطلحات السبعينات للعائدين لتوهم من التعليم الفرنسي، وهو مرض لا يوجد إلا في تونس وبدرجة أقل في الجزائر بسبب زخم معركة التحرير مقابل ما يدعيه بورقيبة من أنه حرر تونس بفكره الفذ وعبقريته الفريدة،
لقد أتاحت لي مهنة الصحافة الوقوف على عالم مختلف عما يحدث في تونس في عدة دول عربية، مصر، سوريا ولبنان حيث لم أقف أبدا على صراع يخص السلوك الديني في الفضاء العام، لم أسمع أبدا أحدا يشكو من ضجيج صلاة الجمعة أو إغلاق المقاهي في رمضان أو من "شناعة قتل الخرفان المسكينة في الإضحى"،
في حرب لبنان 2006، أعجبت بالثقة المتبادلة بين حزب الله وبقية المكونات السياسية والفكرية في لبنان وقد اقتربت من الحزب بثقة مفكرين قوميين وإسلاميين سنة، كان الحزب مستعدا للقتال لأجل حمايتهم. في سوريا يحظى المسيحيون بكل طوائفهم بحماية المسلمين السنة من باب توما إلى قريتي جبعدين ومعلولا التين زرتهما.
في مصر، لم أسمع أبدا أحدا يسخر من العقائد، قبطية أو كاثوليكية أو يونانية أو إسلامية، رغم وجود شيعة وسنة ينقسمون بين شافعية وحنفية،
أن تقدم ضحايا وأوجاعا من أجل إخراج خصومك السياسيين من السجن المؤبد أو الموت القريب، فهو نبل وإنسانية عالية، شجاعة نادرة، تنقصنا في تونس، في كل رمضان ونحن نعاني من أوجاع من لا يحبون الصوم ويردون أن نفطر معهم، من يتحولون إلى نباتيين وأحباء سمك في في الإضحى، كم يمثلون؟ من هم؟ لماذا يحضرون بكثافة ويفرضون مواضيعهم السخيفة علينا؟