كلام بارد في زمن ساخن…

السيد الرئيس، عاد ليضبط مدة "تجميد" النظام الديموقراطي، النيابة العمومية والبرلمان والحكومة بشهر وتجميع كل صلاحيات السلطة في يده، لكن، ما هي المعجزة التي سيجترحها خلال شهر لكي يجعل الحياة أكثر قابلية للتحمل في برّ تونس؟

-محاكمات واسعة للسياسيين ورجال المال بتهمة للفساد مع إخراج إعلامي قوي لتبرير ما حدث واستيعاب شحنات الغضب الشعبي : سيصطدم واقعيا بطول الإجراءات ونقص الوسائل ودفاع "القديمة" عن نفسها والاضطرار إلى احترام الضمانات القضائية والخضوع للضغوطات والتهديدات المحلية والخارجية، تنتهي الحكاية بمحاكمة مسرحية لعدد محدود دون المساس بالمنظومة الحقيقية التي ستستعيد كلمتها تدريجيا،

-خلق الثروة والتشغيل يكون فقط بإطلاق الاستثمار وحمايته، لكن في هذه الظروف المحلية والدولية الصعبة، إذا توفرت العزيمة فسوف نحتاج إلى ثلاثة أعوام على الأقل لظهور النتائج، بتغيير القوانين وتحجيم سلطات الفساد إداريا وخلق منافذ استثمار سليمة وتجريم الاقتصاد الريعي والاحتكارات،

- نحن بحاجة الآن فورا إلى أكثر من 10 مليارات دولار بين خلاص ديون وتمويل عمومي فوري، وليست عندك أية ضمانات سياسية للخلاص حين تقدم حكومة مؤقتة وإجراءات لمدة شهر، الناس لا يقرضون حكومة مؤقتة وليست لها رؤية لثلاثة أعوام ملزمة بضمانة نظام ديموقراطي أو ثروة قابلة للمصادرة،

- وعليه : يحتاج السيد الرئيس إلى زمن طويل ورجال كثيرين ليحقق ما يعد به، سواء كان انقلابا أو تصحيحا أو أية خزعبلات حكم أخرى، الحقيقة المنطقية أن الوضع سوف يزداد سوءا، سنحتاج سريعا إلى تصحيح التصحيح وإلى كثير من الفوضى بسبب خيبة الأمل والندم،

- ملاحظة أولى : ما حدث استند إلى ربط تردي الوضع بتحميل النهضة كل المسؤولية وتحشيد الناس ضدها لسبب حقيقي وهي أنها منحت تغطية شرعية للفساد ولسوء التصرف، دون القدرة على تقديم بديل حتى مؤقت لنظام الحكم، لأن الفساد لا يختص بحزب أو فئة، بل يخترق الجميع بطريقة أفقية، وليست لنا أية ضمانة بأن حكومة الرئيس لن تخضع للفساد،

- ملاحظة ثانية : في صورة عودة الديموقراطية وانتخابات سابقة لأوانها، سوف تكون النهضة حاضرة مثل حجر الزاوية، بالنسبة لمن يرون أنها السبب في كل مشاكلنا، عليهم أن يخترعوا لنا حلا لمنعها، ليس من الترشح بل منع أنصارها من حق الانتخاب أيضا، وهنا، سنحتاج إلى حلول غير أخلاقية مثل الوشاة لإعداد قائمة في الناخبين الذين يحتمل أن يكونوا نهضاويين وإلا العودة إلى حلول نظام بن علي : ثلث للنفي، ثلث للسجن، وثلث للمراقبة الإدارية اليومية، هذه مسألة أخرى،

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات