في الاستعمال السيئ لمدفع الرئاسة لقتل ذبابة الفقر

أنا حرفي اتصال، لذلك تبدو لي الصور التي تتضمن رتلا طويلا من السيارات الرئاسية الجبارة ذات الكلفة العالية والحراسة المكثفة تتوجه إلى ريف فرنانة الفقير مثيرة غبار طرق غير معبدة ونباح كلاب الفقراء للاحتفال بذكرى تلك الطفلة التي حملتها السيول، شيئا يشبه استعمال مدفع الرئاسة الضخم لقتل ذبابة الفقر،

يساوي عندنا في علوم الاتصال style focalisant التركيز البؤري على موضوع بائس، الفكرة تبدو جميلة ورومنسية أيضا، لكنها تبدو استنساخا لصورة زعيم أوروبي ينقذ قطا في شجرة، طبعا بعد أن فض كل المشاكل الاجتماعية في بلده وهو ما لم يحدث عندنا،

ثم إن تركيزها على حركات السيد الرئيس تكشف الخلفية الساذجة المعاكسة تماما: إننا ننفق ثروة من المال العمومي وتسخير القوة الرئاسية على إخراج سينمائي ساذج للرتل الرئاسي من أجل مديح صورة غير دستورية وهي "الرئيس الأب الحنون" في زمن دولة المؤسسات والمحاسبة عن المال العمومي،

استدعاء الأطفال يوم الأحد وفي ظل العطلة في ظل جائحة خطيرة، فقط لكي يكونوا ديكور الامتنان للسيد الرئيس ليس عملا خيرا ولا دستوريا ولا جميلا، من حق الرئيس أن ينفق ميزانيته حيث يريد، لكن ليس من حقه توظيف الإعلام للإيهام بأنه دور رئاسي أخلاقي فيما هو مسؤولية الحكومة، ماذا لو فعل ذلك دون ذلك الرتل المكلف؟ ماذا لو أرسل أحدا غيره؟ كان رئيس مجلس النواب هو الذي قام بذلك؟،

يملك رئيس الدولة كل الوسائل لكي يسأل رئيس الحكومة ووزير التربية ووزير التجهيز والوالي عن أموال الدولة المخصصة لهذا المكان المنكوب، لكن أحدا ما، اختار أن يخرج له تلك المسرحية التي تنتمي إلى زمن بعيد جدا من أزمنة نشاطات الرؤساء، الذين لا يمكن ذكرهم إلا في إطار الطرافة،