في رثاء أم صديقي نور الدين العلوي،

Photo

صديقي وأخي نور الدين العلوي يكابد ببسالة فقدان الأم، نادرا ما كان يحدثني عن أمه، مثل كل بدو الجنوب، كان يبرع في إخفاء حنينه إليها وراء مديح أبيه والزيتون والنخلات القليلات، يتحدث عنها وحواليها ويتركها مخبأة وراء حديثه عن أبيه،

لكنه يترك لي خلل الحديث انطباعا أنها أمنا كلنا، نحن أصدقاؤه، وأنها تعد لنا معه، منذ أكثر من ثلاثين عاما، مؤونة الرحلة في هذا العالم الموحش، وإفطارا مغمسا بزيت دعاء الخير، لكي "نكون طيبين معه ونتحمل مزاجه الصحراوي الصعب" وأنها تترك لنا، نحن أصدقاؤك، حصتنا من التمر والحب، وأنها مثل كل الأمهات: "يكفي أن ينام مبكّرًا لترى منامه واضحًا، فتطيل ليلتها لتحرسه"، على رأي حورية محمود درويش في تعاليمها،

كم يؤلمني أني لا أجد في القول ما يفي برثاء الأم، غير أن أستحضرها، متأكدا أنها كانت تدعو لنا معك منذ ثلاثين عاما وأكثر، بالحماية من أعوان الدولة وكتبة التقارير بسبب مزاجنا الحاد الثائر المائل إلى العدالة دائما، ومن النساء السيئات بسبب فشلنا التاريخي في الحب، ومن الأصدقاء المزيفين، ومن النحس والصباحات غير الموافقة، ومن الخسارات العاطفية،

لا أدري ما أكتب في رثاء أم صديقي وأخي نور الدين العلوي، أو في مواساته، ثمة آلم يقف عنده الإنسان عاجزا، كم أكره الموت منذ مات أبي، كم يؤلمني أني لا أجد ما أكتبه في مواساة صديقي في ألمه العميق،

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات