عن الصحفي الوروار والذئب الذي لم يأكل يوسف،

Photo

الصحافة هي التي كشفت أن الموسوعية (علم معرفة كل شيء) التي تمعشت منها منذ اختراع الصحافة ليست سوى خدعة، وهي تحاول إنقاذ نفسها من المنافسة غير الشرعية من غير الصحفيين باختراع الصحفي المتخصص،

قديما، كان الصحفي يكتب في السياسة والرياضة والاقتصاد والطب وكرة القدم وينهيها بالخبرة في النقد الفني، مستغلا براعة الخطاب الصحفي في التبسيط لكي نكتشف في النهاية أن ما يكتبه لا قيمة له، مجرد كلام خطاب مزاجي انفعالي سطحي، قيمته الوحيدة في أن الآخرين لا يسمح لهم بالكتابة مثله لا غير،

بعدها لجأت الصحافة إلى الصحفي الخبير في مجال اختصاص ينذر له حياته المهنية، يتقدم فيه حتى يقرأ له الرؤساء من أجل الثمرة الناضجة لاختصاصه، عرفت صحفيا في TF1 قضى أكثر من 30 عاما في تغطية أخبار الفاتيكان لا غير، طريقته في تقديم عمله في 90 ثانية يوحي بأنه يعرف الفاتيكان أكثر من البابا نفسه،

كما جالست صحفيا حاصلا على دكتوراه في طب التغذية قضى 32 عاما في الكتابة في عمود ذي 250 كلمة عن وجبات المطاعم "ماذا تتعشى اليوم"، لأنه ثمة فارق ضخم بين أن تقرأ لكي تضيف إلى ثقافتك أو أن تقرأ التوروير، وهي كناية صحفية منذ التسعينات عن الذي يكتب أو يتكلم لكي لا يقول شيئا، (اسألوا الصديق محسن الوسلاتي)،

أكتب لكم كل هذا لكي أتحدث عن عودة الكثير من الصحفيين والكرانكة على رأي الصديق شكري الباصومي إلى إعلام الوروار تحت ظل تنامي الخطاب الشعبوي، حيث يفهمون في كل شيء، والنتيجة أنهم يصدرون أحكاما باتة دون معرفة، يتحدثون في اختصاصات لا يفهمون منها شيئا ويؤثثون ما لا يفهمونه بالخيال المريض وينقلون حاجتهم إلى جلب الاهتمام بالصراخ الحماسي وبث الاحتقان والتوتر،

في صورة كاريتورية عمرها أكثر من أحد عشر قرنا في قصص الجاحظ عن قصاص (صحفي كرونيكور وقتها) قال إن الذئب الذي أكل يوسف كان اسمه كذا، فقال له الناس: إن يوسف لم يأكله الذئب، فقال: إذا كان اسم الذئب الذي لم يأكل يوسف، ألعب معاه؟

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات