ملاحظات/ خلاصات بعد العدوان الصهيوأمريكي على إيران:

النسخة الحالية من الكيان الصهيوني غير مسبوقة تاريخيا. هي نسخة "تلمودية انجيلية" شعبوية همجية تمثل التعبيرة التاريخية الأكثر توحشا من التحالف الاستعماري بين المشروع الصهيوني الاستيطاني والمشروع الاستعماري الإمبريالي في طوره الجديد.

هذا التحالف يهيمن عسكريا وتكنولوجيا وماليا على كل العالم. أي أنه يجسّد "الشكل الامبراطوري" الأحدث والأوسع امتدادا عبر التاريخ.

في العلاقة بين الكيان وأمريكا..، واضح أن الكيان صار أكبر من أمريكا رغم أنه ولد بعدها. مشروعان استيطانيان همجيّان اندمجا تحت قيادة أوليغارشيا المال والإعلام والتكنولوجيا والتصنيع العسكري. أوليغارشيا مؤدلجة تؤمن بدولة الكيان كمشروع ديني خرافي وتقوم بتشغيل أمريكا لصالح هذا المشروع. وكل فصل بين "الكيانين الاستيطانيّين" قصور فكري وسياسي نتيجته كارثة.. نرى نموذجا لها في ضربة إيران اليوم.

مواجهة هذا التحالف الإمبراطوري التلمودي الإنجيلي الشعبوي الهيمني/الفرعوني، التدميري التوسعي، الثمل بقوته، هي مهمة تعني كل الإنسانية. ولكنها مهمة تعني العرب في المقام الأول بحكم مركزية أرض العرب في المشروع التدميري التلمودي.

كل المجتمعات العربية تمرّ بحالة رثاثة تاريخية عناوينها:

- أنظمة سياسية واقتصادات تابعة بنيويا للمركز الاستعماري متعدد الأقطاب سابقا والسائر نحو التوحّد تحت قطب وحيد يقوده التحالف التلمودي الإنجيلي الشعبوي.

- مجتمعات تم الاستثمار في انقساماتها الدينية والمذهبية والطائفية والأيديولوجية استعماريا منذ قيام دولة الكيان وخروج الاستعمار التقليدي، بحيث صارت مجتمعات تعيد إنتاج كل شروط التخلف بشكل شبه ذاتي.

- نخبُ فكر وتياراتُ سياسة مرتهنة لمنظومات ذهنية مغلقة منقطعة عن تحولات التاريخ الواقعي التي تحدث بنسق أسرع كثيرا من قدرتها على المواكبة والفهم، فما بالك بقدرتها على الفعل.

أي دولة في العالم تتعرّض إلى عدوان همجي دموي مجرم كالذي تعرضت له إيران اليوم، من الإنساني والأخلاقي والعقلي الوقوف معها مبدئيا لا تكتيكيا.

وكل استحضار عاطفي لجرائم إيران في العراق وسوريا خاصة، وهي جرائم حقيقية، هو استحضار غير أخلاقي أمام الدماء الإيرانية التي تسيل على يد عدونا وعدو كل الإنسانية الوجودي.

قد أعذر عائلات ضحايا إيران في سوريا، وهم بالآلاف، ولكنني لا أعذر من يفكّر في السياسة كسياقات متحولة.

الوقوف إلى جانب إيران في محنتها لا يعني مطلقا تبنّي النموذج السياسي والمجتمعي الإيراني الذي أراه شخصيا نقيضا جوهريا لقيمة الحرية وكرامة الإنسان كذات متفردة أكبر من أي مذهب وأي دين.

أن تكون إيران مستهدفة من أرذل قوة احتلال وعدوان في العالم لا يبيح لأنصارها استغلال دور الضحية لابتزاز مشاعر المختلفين عنهم ومنعهم من التمايز عنها.. وإن جذريا.

فأن تكون ضحية لا يعني أنك على حق مطلقا.

أخيرا.. نحن هنا في تونس لسنا بمنأى أبدا عن تداعيات ما يجري هناك. استباحة إيران، القوية نسبيا مقارنة بنا، يؤكد أن كل مشاريع التحرر، ولو في شكلها الجنيني الأولي أو حتى الخطابي، مستهدفة استعماريا.

والانقلابات، المعدّلة حسب حجم مشاريع التحرر وجديتها وطبيعتها، إحدى عناوين الاستباحة الاستعمارية.

... الانقلابات، أو/وما أسوأ منها... تبا.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات