هل سيقع التخلي عن سعيّد قريبا...؟ ولصالح من...؟

لنعترف أولا أن السياسة "الحقيقية" في دولة تابعة مثل تونس تُصنع عموما في غرف مظلمة منذ بورقيبة إلى اليوم. والانقلابان اللذان وقعا في تاريخ تونس مع بن علي ثم سعيّد قد يظلاّن مجهولَيْ الهوية إلى الأبد رغم كل ما قيل وسيقال حولهما.

حتى الترتيبات التي رافقت ثورة 2011 ووجّهتها وتحكمت في مسارها الذي انتهى إلى انقلاب 25 وإلى حالة التهرئة العامة التي نعيشها.. كلها لم تكن بعيدة عن مصانع السياسة تلك.

سيقول البعض أن هذا التفكير تكريس لفكرة المؤامرة وإعفاء للفاعلين السياسيين العلنيين من المسؤولية. ليكن. هذه قناعتي التي رسخت مع الزمن. علما وأن وجود مثل هذه الغرف أمر مفروغ منه في كل العالم.

لذلك.. وبخصوص سؤال مستقبل سعيد، لا نملك إلا أن نفترض.

قناعتي أن الانقلاب "مُتنازع فيه" إلى حد الآن. وأنه متعدد الآباء. وأنه بؤرة تقاطع أجندات لم تجد ضرورة إلى حد الآن في حسم عنيف للمواجهة الدائرة بينها، فخيّرت المناورة والتعايش والمقايضات البطيئة.

لكن هذا التوازن فيه غلبة ميدانية مهمة للوبي البنوك منذ تعيين بودن على رأس الحكومة إلى قانون المالية الأخير، مرورا بماراطون التفاوض /الابتزاز مع المؤسسات المالية الدولية منذ سنة ونصف.

لوبيات البنوك في تونس فرنسية أساسا. ولكن تُوازيها في القوة السطوة العسكرية التقليدية لأمريكا على الجيش تمويلا وتسليحا. وحجم مصالح فرنسا وطبيعتها في تونس ليست بالضرورة من نفس حجم مصالح أمريكا وطبيعتها.

تقديري أن اللوبيات المالية والسياسية الفرنسية ووكلاءها المحليين قرروا التخلص من سعيد. لأن شعبويته أنهت مهمتها في تفكيك الهيكل القانوني للديمقراطية الحقيقية. ولن تقبل بعودة دستور 14 لأنه يكرس نظاما برلمانيا لا تريده. لذلك سيتم اعتماد دستور سعيّد لأنه رئاسوي فرداني تسلطي. وأرجّح أن هذه الجهات تخيّر انتظار اكتمال الدور الثاني من الانتخابات الكاراكوز. لأنها تعرف أنه سيكون برلمانا مهزلة وبلا صلاحيات. ولأنها تحتاج شخصية "متاعها"بكل المعاني، سيتم توفير مناخ انتخابات رئاسية مبكرة على القياس... أي انتخابات "انقلابية".

وتبا.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات