اتفاق الهدنة.. بين من ومن...؟

بين تنظيم سياسي "شبه لغز" نجح في خوض حرب بكفاءة قتالية مبهرة ضد جيش نظامي لكيان هويته حربية جوهريا.. أي كل مقدراته موجهة للحرب، في محيط سياسي فلسطيني وعربي ودولي معادٍ:

انقسام الشعب الفلسطيني بين ضفة غربية محكومة بسلطة معترف بها دوليا شكليا ومكلفة بقمع أي مقاومة لسياسة التوسع الصهيوني المستمر، وقطاع غزة تديره حركة سياسية جرّبت أن تكون "حكومة "دون أن تتخلى عن هويتها الشعبية المقاومة.

استسلام عربي رسمي وحتى شعبي عموما لفكرة أن العدو أقوى من أن يُواجه، وتطبيع فعلي معه رسميا وغير رسميا وسير حثيث في اتجاه استكمال الاعتراف به كحقيقة تاريخية نهائية.

دعم دولي كامل من كل القوى الكبرى ومن كل مؤسسات النظام العالمي لشرعية كيان الاحتلال وحقه في اغتصاب فلسطين إن لم تكن كلها فكلها تقريبا.

نجحت حركة حماس في تقديم نموذج مفارق تاريخيا. نموذج يكاد يكون "لا تاريخيا ولا طبيعيا" بتحدّي كل هذا السياق بل ووضعه كله في موضع الاتهام والمراجعة.

هذا التنظيم الشعبي "الغريب عن تاريخ العالم" والمحاصر من قبله يعقد هدنة مع جيش/عصابة مدججة بأحدث ما وصلت إليه تكنولوجيا القتل ولا تعترف بأي قيمة من أخلاق الحرب. جيش لا يدافع عن كيان الاحتلال فحسب، بل عن انتظام سياسي قانوني عالمي لا أخلاقي لأنه قنّن على امتداد عقود جريمة تهجير الفلسطينيين من أرضهم بالمجازر وإحلال شتات استعماري مكانهم ويصرّ على تأبيد جريمته.. لولا هذه الظاهرة المعاندة للتاريخ المسماة ح م ا س.. ومن يلتف حولها.

لذلك.. ورغم هدنة الانتصار التي توشك على إنجازها، لا أحمل أدنى شك في أن الانتظام السياسي العالمي سيعمل كل جهده لمحو الم ق ا و م ة المعجزة من الوجود بكل الطرق.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات