الوثيقة المسربة.. أقل كثيرا من الحقيقة.

من العبث تبديد الجهد في النقاش حول صحة الوثيقة من زيفها.. لا توجد أية طريقة علمية للتثبت من الوثيقة. حتى إن خرج أحدهم وتبناها ودافع عنها سيُكذّبه البعض ويتهمه بالجنون.. وسيختلف أطباء السلطة والمعارضة حول جنونه.

الحقيقة التي تثبتها الوقائع هي أن الذين يريدون القيام بقلب النظام السياسي الحالي بغير الطرق الديمقراطية الانتخابية أو الدستورية (الاستفتاء الشعبي) كثر...

منهم المعلَن الذي لا يخفي قناعته الانقلابية وإن اجتهد في تقديمها بعناوين إصلاح، وإنقاذ، ووطنية، وبلابلا.. وهؤلاء هم الأقل خطرا لأنهم لا يمتلكون عموما أدوات الانقلاب المادية...

ومنهم المخفيّ الذي لم يؤمن يوما بالديمقراطية ويعتبرها خطرا ماديا مباشرا على مصالحه.. وهؤلاء هم أشد خطرا لأنهم متمركزون في أجهزة الدولة السياسية وفي الإدارة ويمسكون أدوات الفعل الاقتصادي والإعلامي.. ولم يمنعهم من المضيّ الفعلي في انقلاب عنيف إلا تداخل أجندات أجنبية كثيرة لم تلتق حول قرار الانقلاب طريقة وتوقيتا.

ومن حسن حظنا أن التقاطع بين هذين النوعين ضعيف جدا وعرضي.. حتى الآن.

الذين يريدون منع الديمقراطية في تونس من الاكتمال والاستقرار والتحول إلى عدالة اجتماعية حقيقية وازدهار اقتصادي ونجاعة سياسية هم حقيقة وواقع.. يعيشون بيننا ونلتقيهم يوميا.. وإنكار وجودهم في سياق مناكفة سياسية مع بعض مكونات الحكم الحالي البائس فعلا.. هو استهتار بمخاطر حقيقية محدقة بالدولة وبأرواح الناس.

فكرة الانقلاب في تونس يدعمها عرب مولوا خطط تعفين الديمقراطية بعد الثورات العربية الأخيرة. هؤلاء لا يخفون عداءهم للديمقراطية وعملهم على خنقها في المهد بكل الوسائل.. هل يفعلون ذلك من تلقاء أنفسهم؟ طبعا لا. هؤلاء، إلى جانب أنهم ضحايا جنون المال أو السلطة أو كليهما، هم أدوات تدمير استعماري رأسمالي تحكمه سلطة مال معلوم لا يتورع عن كل أنواع الجريمة.

لذلك... الانقلاب حقيقة.. جزء منها وقع منذ 2011.. وبعضه يقع الآن.. وجزؤه العنيف النهائي يؤجل باستمرار لعدم اكتمال شروطه المادية.

والذين يسخرون من فكرة الانقلاب لأن الوثيقة مفتعلة يسهمون في إثارة غبار كثيف حاجب للرؤية قد يسهّل مرور انقلابيين مغامرين محليين جديين أو حتى "خلواضة وغفاصة سياسة".. أو أجانب من الإقليم ومن العالم.

عربيا ودوليا حدثت انقلابات دموية وانهارت لا فقط ديمقراطيات، بل مجتمعات ما زالت تكابد الفوضى الأهلية ودمار غياب الدولة وتفكك المجتمع.

ماذا نفعل الآن مع الوثيقة المسربة؟

ولو كانت مفتعلة ومزورة ولا أصل لها.. كل أطراف الحكم مطالبة بموقف من محتواها الخطير.. وأولهم الرئيس الذي تجعله الوثيقة في قلب الخطة الانقلابية.. والمشيشي الذي خصته الوثيقة بدور في الخطة.

تذييل: هو راهو في الحقيقة.. المعنيين بالوثيقة يتكلموا والا يسكتوا نعرفوهم ماهمش ديمقراطيين وملزوزين للديمقراطية لزّ.. أما نعرفوا زادة اللي الفارق بين الانقلابيين كبير.. فمة الانقلابي النذل والمجرم.. وفمة الانقلابي المصطّك.. ونعرفوا زادة أنو اللي ناوي على قلة الخير مستعد يندد بالانقلابات بمناسبة وبدونها.. غير برك نحبوا نبربشوا فيهم الشعور بالرخص.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات