قالّو تعرفش العلم…

التفسير الهيتشكوكي لمحاولة اقتحام دار جوهر بن مبارك الرائج حاليا في صفوف معارضي الانقلاب.. مضحك ومحبط. يقولون أن جوهر بن مبارك هو اختراق فرنسي لصف معارضة الانقلاب.. وخبر مداهمة داره اليوم ليس أكثر من مسرحية من إخراجه هو بالاشتراك مع الأمن وبإيعاز فرنسي.. لصنع زعيم ثوري يقود حراك "مواطنون ضد الانقلاب" ويفاوض باسمه في حوار وطني قادم ويوجهه نحو تسويات لصالح فرنسا.

هناك أيضا من يؤصّل هذا الشك ايديولوجيا ويقول أن يسارية جوهر تكفي لتصنيفه حليفا موضوعيا للانقلاب أو غير ذي مصلحة في ديمقراطية تستفيد منها النهضة.

مؤدّى هذا التفكير الهيتشكوكي التآمري هو منع قيام أي شكل من أشكال العمل المشترك بين الأطياف السياسية المعارضة لانقلاب يتجه نحو الرسوخ. لأن ما يصحّ على جوهر يصح على نجيب الشابي وحمة الهمامي ومحمد الكيلاني، وعصام الشابي ،ومحمد عبو ،والشواشي.. يعني كل المعارضة ما عدا النهضة والكرامة.

يبدو لي أن محرك هذا التفسير هو استمرار الاعتقاد بإمكانية عودة مشهد ما قبل 25. أي أن معارضة الانقلاب يجب أن تكون تحت سقف القوى القديمة.. وتحديدا البرلمان القديم برئاسة الغنوشي وبمكوناته المعروفة.. وهذا الأمر صار مستحيلا موضوعيا.

أفق معارضة الانقلاب حاليا يجب أن يتجاوز كليا هذا الشرط اللاتاريخي. والمطلوب الآن معارضة راديكالية للانقلاب.. ولأسبابه معا. اختزال برنامج استعادة الديمقراطية في العودة إلى لحظة 24 هو إنكار للواقع.

شق من النهضة في لحظة ما فهم هذا وفرض على قيادته التراجع وعدم تصدر حراك معارضة الانقلاب حتى لا تصير المعركة بين النهضة وكل من هو غير نهضة.. وحين يئس وتأكد من إصرار الغنوشي الوجودي على الاستمرار في المشهد بنفس الأدوات.. استقال ليعارض الانقلاب بعيدا عن برنامج الغنوشي.. ولكنهم في الظروف الحالية سيبقون نهضة وإن أبوا.

حراك معارضة الانقلاب يجب أن يتحول إلى حراك مجتمعي مدني، وسياسي حزبي ،وأهلي، واسع.. والذين برزوا من ناشطيه واعون بهذا.. التنظيم الأفقي لحراك الشارع.. والذي جربه الفيلسوف دافيد جرايبر وشومسكي في حركة "احتلوا وول ستريت".. ممكن جدا. الشهرة السابقة لبعض الوجوه تخدم الحراك.

يصعب على الناس التخلص من مواريثها العاطفية/السياسية نعم.. ولكن ما يجري في تونس الآن يمسّ أسس عمارات ذهنية ونفسية كثيرة...1

مفترق…

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات