هل يمكننا فعلا الدفاع عن "الفئات الرثة" التي تظاهرت؟

هل يمكننا فعلا الدفاع عن "الفئات الرثة" التي تظاهرت دفاعا عن النظام بذريعة أن الذين غنّوا ورقصوا على أنغام المزود وتمرّغوا على أرضية الشارع الرئيسي ورفعوا شعارات تترجم رثاثتهم السياسية وأميّتهم المدرسية أيضا، هم الشعب.. على حقيقته؟ وأن النخب التي تسخر من شعبها ستظل غريبة عنه وعاجزة عن فهمه..؟ وأن كل اللوم على النخب المثقفة المتعالية عن الناس، لا على الشعب الذي خرج إلى الشارع ليرقص (على مذبح الحرية) مدفوعا ب"فطرته الوطنية السليمة التي لا تخطئ"، كما قال سفيان بن فرحات! (الصحفي الذي رفض العمل في الجزيرة من شدة الوطنية الوطدية التجمعية).

رأيي أن الخوف من مصارحة أنفسنا بحقيقتنا ليس إلا عرضا من أعراض الشعبوية! لذلك.. السؤال الأوجه عندي هو:

لماذا لا يتظاهر دفاعا عن النظام سوى الرعاع ؟

وحتى نكون دقيقين ، يجب أن نعرّف "الرعاع":

هم كل من يستبطن سلوك الكائنات التي تعيش بفضل الرعي.. أي السوائم، فيتنازل عن إرادته/عقله/حريته/كرامته/إنسانيته، ويُسلم أمره كله للحاكم/ الراعي ينوب عنه في التفكير والقرار.. مقابل أن يدسّ في فمه لقمة آخر النهار!

هذا الرعاع العامّي.. ويصنعه ببساطة عدم التمدرس.

أما الرعاع "النخبوي" فيصنعه التمدرس الخاطئ، أي التمدرس المقترن بالفقر المعرفي. أي أنك قد تجده أستاذا أو طبيبا أو مهندسا أو محاميا أو وزيرا.. أو حتى أكثر من وزير، ولكنه لم يمتلك الأدوات التي تؤهله للاستعمال المنهجي المنظّم المتوازن لعقله! فتكون كل أفكاره "عالحيط".

ورعاع النخب أسوأ وأخطر بكثير من رعاع العوامّ. لأنهم يظنون أنهم مؤهلون للفهم.. والقيادة. فيجدون في رعاع العوامّ مادة خصبة لممارسة جحشنتهم المتعالمة!

استنتاجات:

- الصنف الأول من الرعاع هو عائق استراتيجي أمام كل مشاريع النهوض في تونس. فالأمية المرتفعة جدا، والمتجددة جيلا بعد جيل، تمنع قيام الديمقراطية جذريا. الديمقراطية تحتاج مواطنا متمدرسا ويحسن استعمال عقله قادرا على الفهم والاختيار، لا كائنا يصفق ويهتف ويرقص ويتمرّغ. و"الناخب" التونسي هو من هذا النوع.. منذ بورقيبة وبن علي مرورا بقوس الثورة، رغم التحسن الجزئي العائد إلى مناخ/فضيلة الحرية، وصولا إلى حكم الشعبوية.

- أما الصنف الثاني فهو يؤمّن شروط استمرار "الجهل الاستراتيجي".. لأنه هو الذي يحتكر القرار في الإعلام والمدارس والجامعات.. والسياسة!

فبحيث.. اكاهو عاد.. تبا!

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات