تعليق سي عز الدين الحزقي على بيان "الشبكة التونسية للحقوق والحريات" يختزل ببلاغة موجعة المشهد السياسي التونسي.
الشبكة اللي تضم كدس أحزاب وجمعيات "تقدمية" كانت مقررة تحرك احتجاجي ضد الانقلاب يوم 25 جويلية، لكنها فجأة ألغت التحرك "بعد تعميق النقاش" داخلها، وخاصة بعد "الاطلاع على بقية الدعوات للتظاهر في نفس التاريخ والتوقيت"، وتقصد طبعا جبهة الخلاص اللي مبرمجة تحرّك احتجاجي بنفس الأهداف في نفس النهار. ورغم وحدة الهدف، اختارت الشبكة إلغاء "نضالها" لأن فيه شبهة تقاطع مع جبهة سياسية تشترك معها في المعارضة وتختلف معها جذريا في" البوصلة الفكرية".
سي عز الدين يمثل لوحده تاريخ المعارضة السياسة في تونس منذ حركة برسبكتيف اليسارية زمن بورقيبة مرورا بالحركة الحقوقية الديمقراطية خلال حكم بن علي وصولا إلى معارضة الانقلاب على الثورة.
من أعلى السنة الثمانين من عمره، يُطلّ على تهريج الورثة المفترضين لإرثه النضالي اليساري الديمقراطي التقدمي ليقول لهم ببساطة ولوْعة: "قدّاشكم ذرّ!".. ذرّ/صغار بكل المعاني!
يقول لهم كم كنت مخطئا حين راهنت على تحرركم من سكتاريّتكم الايديولوجية المفوّتة التي صارت أداة فعالة بيد النظام لوأد كل أمل في نشأة "يسار ديمقراطي وطني" متحرّر من عقدة شبهة التقاطع مع التيار الديني ولو كان ثمن ذلك خدمة الاستبداد والتحالف الموضوعي معه ضد الشعب.
وأنا أقرأ تعليق سي عز الدين الأيقونة، شعرت بمرارة قاتلة!
أن ينتهي مناضل في حجمه، بعد ستين عاما من المبدئية النضالية، إلى هذه الخيبة من ورثة فكرته، أمر محبط وقاسٍ.
خسارة فعلا.. وتبا!