زهران ممداني..، يمثلني شخصيا.

فوز إنسان يمثل القيم البديلة لقيم الوحش الرأسمالي المتصهين في معركة انتخابية، وإن كان رهانها بسيطا وجزئيا، هو فوز لي شخصيا!

المعركة التي خاضها زهران ويعيش كل ركن من أركان خارطة الأرض فصلا من فصولها، هي معركتي شخصيا!

من يرفع راية الحق في النقل المجاني وفي التأمين الصحي وفي السكن اللائق لفقراء مدينة نيويورك عاصمة الحكم الرأسمالي الذي يدوس حقوق الفقراء ويهدر كرامتهم ويفرض عليهم التشرّد في الشوارع الباردة والموت بسبب أمراض لا يجدون المال لمعالجتها، ويفرض عليهم مشاهدة ناطحات السحاب والمراكز التجارية الفخمة التي يملكها حفنة من محتكري ثروات الأرض، ويجبرهم على متابعة المواكب الفاجرة لهؤلاء الأثرياء يمرون أمام عيونهم الذليلة في سيارات مدرّعة تمنع أولئك الفقراء من مجرد النظر إليهم..،

من يرفع هذه الراية. يمثلني شخصيا!

من ينجح في إقناع 67% ممّن تقلّ أعمارهم عن 44 عاما من يهود مدينة نيويورك، أكبر تجمع سكاني لليهود في العالم بعد الكيان، بالتصويت لمرشّح تصدّى بكل شجاعة لجريمة الإبادة في غزة ولم يتردد في الصراخ بأعلى صوته بأن ترامب شريك كامل للكيان فيها..،

يمثلني شخصيا!

من نجح في تجميع المسلم واليهودي والمسيحي والهندوسي والبوذي واللاديني والملحد في موقف سياسي واحد مناقض جذريا للرأسمالية الكافرة بالإنسان..،

يمثلني شخصيا!

التونسي العربي المسلم الذي يصرف نظره عن كل هذه المكاسب الجبارة التي لم يسبق إليها أحد زهران في حرب الإنسانية ضد الرأسمالية اللاإنسانية الاستعمارية التي أنتجت الصهيونية كأعلى مراحل التوحش البشري، ويرى أن دفاع هذا الأخير عن المثليين مثلبة كافية وحدها لنسف كل محاسن ممداني، ويظن أنه بذلك يدافع عن الإسلام، أقول له أن "إسلامك" هذا هو منتَج صهيوني خالص حتى إن كان عن غير وعي منك أو عن "طيبة أخلاقوية ذات جذور ذكورية منحرفة"! ولست آتي بجديد فجميعنا يرى وجوها "مسلمة" كثيرة تدافع عن الكيان النازي بكل وقاحة!

لهذا المسلم العربي التونسي، أقول له إسلامك هذا لا يمثلني، وإسلام زهران يمثلني شخصيا!

التونسي الشعبوي الأبله الذي طالما شكك في الديمقراطية بدعوى أنها شكلانية وخدعة ليبرالية في خدمة مراكز النفوذ المالي ولا حظ فيها للفقراء، بل وأنها مجرد حصان طروادة للاستعمار، أقول له: "أترى كم أنت أبله.. بل مجرم حين صفقت لذبح الديمقراطية الوليدة في بلادك وباركت إجهاضها على أيدي تلك المراكز التي تدعي النضال ضدها!".

وأقول له.. ديمقراطية ليبرالية تصعّد زهران على حساب اللوبي الصهيورأسمالي.. تمثلني شخصيا!

أخيرا.. معركة زهران الأمريكي هناك، هي نفس معركتي هنا!

ومصيره مصيري!

صحيح أنني أعيش في قطعة جغرافيا يكاد يتوقف فيها التاريخ، وربما تصلح لدى المشتغلين بالتفكير في العلم حالة من حالات البحث العلمي في "الغرغرينا التاريخية"، حيث يتآكل كل ما له علاقة بالسياسة والدولة والعقل والفنون ويهترئ الإنسان تحت وطأة شعبوية كاراكوزية مزرية...،

لكنني مع ذلك، أؤمن بوحدة المصير الإنساني، وبأن انتصار "قيم" زهران في قلب الآلة الرأسمالية الكريهة، وإن كان انتصارا محفوفا بكل عوامل النكوص، هو انتصار للجوهر الأخلاقي الإنساني.

أي أنه انتصار لي شخصيا!

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات