مع هذا…

بعد أن تنتهي هوجة التسريبات المتلاحقة التي من المؤكد أن مصدرها غرف سياسة متخصصة في "صناعة معارك الوهم".. وبعد أن صار الخياري والقصوري صانعي رأي ومحوري جدل عمومي وإسفيني انقسام سياسي .. وبعد أن بلغنا مرحلة الاستسلام الجماعي لكارثة حتمية قادمة يتبرأ الجميع من المسؤولية عن حدوثها ليتهم بها غيره…

مع كل هذا لا مهرب لنا جميعا من العقل.. وليس من حقنا المواصلة في هذا السقوط الجماعي الحر. قبل أسبوعين صرّح الطبوبي بسعادة.. وبعد خمس زيارات لقصر قرطاج.. أن الرئيس وافق أخيرا على إطلاق الحوار الوطني. وأن الاتحاد سيشرع في اتصالات أولية لتشكيل هيئة الإشراف الفني لإعداد الحوار...

يوم السبت الماضي صرّح زهير المغزاوي في حوار صحفي مطول أن الحوار الوطني سينطلق بعد أسبوع أو أسبوعين على الأكثر.. وأن الرئيس رفع كل تحفظاته السابقة عن مشاركة قلب تونس وائتلاف الكرامة في الحوار…

منذ قليل على الوطنية غازي الشواشي يفاجئ الصحفي بموقف جديد للتيار الديمقراطي بعد استعادة توازنه.. الشواشي يعتبر أن الرئيس تأخر كثيرا في إعلان الحوار وأنه بموقفه الأخير من تعديل قانون المحكمة الدستورية يسهم في تعقيد الوضع عوض المساعدة في الحلول.. ويصر على ضرورة التسريع بالحوار الوطني.

"الرئيس اللغز" نفسه… بعد أن صرّح بغضب وتوتر أنه لن يتحاور مع اللصوص والمتآمرين والمنافقين.. همس أنه مع حوار.. حول التعليم والصحة…

الجميع شارك، وإن بأقدار متفاوتة، في السير الغبي باتجاه الوضع الكارثي الحالي.. والإصرار على تحميل المسؤوليات الآن في صفوف "مكونات حكومة الفخفاخ" والقوى القريبة منها، هو دفع مجاني باتجاه تسليم كل أوراق اللعبة إلى شبكات النظام القديم التي ما زالت الأقرب إلى غرف السياسة الدولية حتى إن اضطرتها موازين القوى المتغيرة إلى المناورة واختراق "الجديد".. ولن تتورع في أول فرصة عن تصفية هذا الجديد بمختلف تلويناته.

أعرف أن فقهاء الحروب من الطرفين يستسهلون ترديد حجتين جاهزتين :

- النهضة عوضت التجمع في عمارة السيستام القديم.

- سعيد والتيار هما أداة فرنسا وينسقان مع عبير.

مع حذلقات تحشر في هذا التصنيف الحدي الكرامة والشعب مثلا.. لذلك.. العقل الآن عسير جدا وضروري جدا.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات