في تونس، احتاج "المعارضون" للانقلاب أربع سنوات وأربعة أشهر كاملة لينجزوا أول تحرّك شبه مشترك بينهم!
والحقيقة أنه لم يرتق إلى أن يكون تحركا مشتركا بل اقتصر على "غضّ الطرف" من طرف "أصحاب باتيندة الحداثة" عن مشاركة محتشمة وحذرة ورمزية متوقَّعة لبعض الإسلاميين وتحديدا ممثلين عن عائلات المعتقلين!
مظاهرة اليوم تَفضَّلَ فيها منظّموها المعارضون الحداثيون التقدميون بقبول مشاركة كعبات من المعارضين الإسلاميين الرجعيين.. لتكون أول خطوة على طريق "الوحدة المستحيلة"بين معارضي الانقلاب!
أعرف أن البعض سيغضب من هذه اللغة المتشائمة التي تسدّ باب المستقبل وتصب حتما في صالح الانقلاب! فالروح "الإيجابية" تفترض الاستثمار في تحرك اليوم باعتباره الحد الأدنى المشترك والمساعدة ولو بالكلمة على تطويره والمراكمة عليه وتشجيعه!
لكنني للأسف أعرف أن المسافة الفاصلة بين طوائف اليسار والحداثيين من جهة وطوائف الإسلاميين من جهة أخرى، مسافة لا تقدر على قطعها "سلحفاة" معارضة تعتبر مجرد سير يساري إلى جانب إسلامي في الشارع، بشرط أن لا ينظر كلّ منهما إلى وجه صاحبه حتى لا تنتبه الحداثة إلى وجود الرجعية إلى جانبها، إنجازا عظيما وحدثا ثوريا يؤسس لوحدة نضالية قريبة!
المتفائلون، وأنا أحبهم والله، يقولون أن المسيرة القادمة المبرمجة ليوم 29 نوفمبر سيُسمح فيها بحمل لافتات حزبية مختلفة وستكون بداية التعايش الناطق بعد نجاح التعايش الصامت اليوم!
هذا أمر إيجابي طبعا يُسجّل في رصيد سلحفاة المعارضة!
شرط أن تمتدّ قيلولة أرنب الانقلاب سنوات أخرى حتى يقتنع المعارضون المتشاكسون بأن طبّة الأرض الصغيرة التي اسمها تونس يمكن أن تحملهم جميعا! ليس كرما منها ولا طيبة، بل لأنهم لا أوزان لهم!
أما إذا كان للانقلاب أكثر من أرنب..!
ف..تبّا.