جلسة منح الثقة: بعض الدّلالات…

Photo

تابعت جل أجزاء الجلسة العامة بالبرلمان بما فيها من تدخلات خارجَ وصُلب الموضوع– برنامج وتشكيلة الحكومة المُقترحة. وبقطع النظر عن المشهد المؤسف الذي يسوقّ له العديدُ من النّواب والذي لا يمثل ضرورةً كل التونسيين، ولا يرتقي بمستوى الخطاب ولا يساهم في تثبيت الوعي، فانّ الملاحظات التالية تفرض نفسها:


(1) تقريبا كل النقاط المطروحة خارج موضوع الجلسة تضمّنت (أ) عنفا لفضيا وعجزا أخلاقيا، و(ب) ضُعفا في المحتوى وتحاليلَ سطحية، و(ج) مُغالطة في المعلومات خاصة الاقتصادية منها و(د) تطاولا على مؤسّسات الدّولة.

(2) يبدو انّ جزءً من "المثقفين المتعلمين" أخذهم الحماس والتعاطف مع هذه المواقف وبرهنوا على وعي متدنٍّ بالشأن العام وتحدياته، وتحوّلوا طوعًا – لكن بتسرع كما يبدو، الى عناصر ترويج وتعظيم لها بإعادة نشرها مصحوبة بتعاليق لا ترتقي في بعض الأحيان الى دور الأستاذ الجامعي والطبيب والإطار السّامي.

(3) وقد يُعتبر ذلك في ظاهره عاديًا زمن الديموقراطية وحالةً صحيّةً لمسارها لتنوع "الاراء"، ولكن في باطنه يتضمّن مخاطر عديدة لعلّ من أبرزها:


– أنْ يتمّ التطبيع مع (أ-د) أعلاه الى أن تصبح ثقافة متداولة لدى العامّة وخاصة الأجيال الجديدة؛

– أنّ التاريخ الحديث يبيّنُ أنّ عجز النخبة السياسيّة في قيادة الشّأن العام وفي ريادة المرحلة الانتقالية يُفرز فراغا يستثمره المناوئون بمؤسّسات الدولة، فيستغلون الآليات الدّيموقراطية المُتاحة لاحتوائها، ويبنون خطابهم على هذا العجز ويقدمون أنفسهم كبدائل "للإستابليتشمنت" أو "للسِّسْتم".


فتنمو النزعات الشعبوية التي تخدم المصالح السياسية قريبة الأجل (الحزب الجمهوري في أمريكا-2016، الجبهة الوطنية في فرنسا، رابطة الشمال في إيطاليا، أقصى اليسار في اسبانيا، وغيرها) والفاشية التي تهدد الذات المعنوية للفرد في الأجل المتوسط والبعيد (النازية في ألمانيا).

– أن تتدهور قيم الجمهورية ويتم افراغها من محتوياتها، ويعمّ الارتياب وتنعدم الثقة في الدولة، فتفقد هذه الأخيرة صدقيّة سياساتها الاقتصادية والاجتماعية وبالتالي نطاق أدائها؛

– أن تتعطل مصالح الدولة والحسم في القضايا المتعلقة بالمواطن من تشريعات واصلاحات وبناء مؤسسات الدولة؛

(4) ولكن، ألم يحنِ الوقت للنّثخب السياسية والمثقفة أن تقوم بنقد ذاتي وتُثبت جدارتها في مجابهة التحديات المتراكمة؟

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات