استاذ فلسفة : ما معنى؟

عارف بمختلف تصورات الكون وبنظريات المعرفة، ومتشبع بمساراتها المنهجية المتنوعة، وله من سُبل الحكمة التي -بالممارسة- تمكنّه من التمييز بين الواقع والخيال، بين الممكن وغير الممكن، بين الدقة والغوغاء، بين العلم واللاّعلم- اي بالنهاية بين العلم والايديولوجيا. كما له من القدرات الذهنية بان يميّز بين التفاهة والاصل في الاشياء، بين السطح والجوهر، بين الاصل والفرع، بين الجزء والكل.

هذا، والمتخصص بالفلسفة، له القدرة على التمييز بين "فلسفة التأمّل" ما قبل-هيجل، والتي لا تورّط صاحبها في مواقف "مُحرجة" باعتبارها تدفع الى القبول بالواقع كما هو والاستفادة منه (من ناحية)، و"فلسفة تغيير الكون" ما بعد-هيجل، والتي تدفع الفرد الى استرداد كيانه والتحرّر من اوجه الاغتراب بغاية استكمال انسانيته (من ناحية أخرى).

وبسبب هاته المهارات، علاوةً على مهارات أخرى، كانت نهاية العديد من الفلاسفة العظام مؤلمةً مثل سقراط وبن رشد وماركس (وغيرهم كثير) الذين احدثوا قفزات نوعية في وعي البشر.

وامّا الذي درس الفلسفة -التي هي بالمناسبة اوّل ما انتجه الفكر البشري بعد الفن وقبل العلم وتفريعاته- ولم يكن له الوعي بالثروة الفكرية التي يمتلكها ولم يترجمها على ارض الواقع بغاية تغييره والتحرر من مغباته ولو في محيطه الضيق، فلنعلم ان هناك أمرًا من امريْن. إمّا انّه لم يفهمها وقد تسلل من ثغرات النظام الاجتماعي وسُلّم تقييمه وتصدّرَ منابر الحديث ومجالس التقييم، وهي كارثة، وإمّا انّه اختار الركون في فلسفة ما قبل هيجل واستبدل الادنى والشدّ نحو الوراء بالذي هو ارقى. وينسحب هذان الامران الى سائر المجالات المعرفية الاخرى.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات