شيءٌ من البنيوية اللغوية

(Structuralisme Linguistique)

يقول الطبوبي: "بعد استراحة المناضل خلال شهر رمضان، آن الاوان للعودة لطريق النضال السلمي".

- تأتي "الاستراحة"، التي تقدّم ذكرُها في الجملة على اهميّتها، قبل "النضال" الذي يعني اسبقية العطاء على مقابل. كما تعني الاستراحة (من صيغة "استفعل" اي "طلب الشيء" وهو بالتالي امر ارادي)، الحالةَ الخاصة في حين ان النضال هو واقع الاستمرار على معنى ثلاثية المأساة لدى المسعدي: (مكابدة، استمرارية ونضال).

- لكن هذه الاستراحة كانت خلال شهر رمضان بما يتضمنه -هذا الشهر- من قيم دينية حيث حُرّم فيه القتال او النضال غير السلمي، كمرجع زمني. وفي نفس الوقت، اذا اعتمدنا مفهوم الزمن القائم على الاحداث، (Le temps évènementiel) فانّ رمضان هذا العام كانت فيه ايقافات للعديد من السياسيين والنقابيين حيث طلب الطبوبي الافراج عنهم في نفس الخطاب. وعمومًا، لا يمكن لقارئ النص ان يفهم امرا آخر عدى ان الطبوبي استراح من النضال زمن الاعتقالات! او ذكر "الاستراحة الرمضانية" كغطاء ديني لغيابه عن الفضاء العام منذ اكثر من شهر!

- امّا عن القول بانه "آن الأوان للعودة الى طريق النضال السلمي،" فإنها تطرح اسئلةً عدّة: لماذا يأُونُ الاوانُ (للعودة الى النضال السلمي) بعد استراحة رمضان ؟ إذْ انّ هذه العودة قد تشير كذلك الى زمنيْن ماضييْن. احدهما قريب والآخر ابعد. اي قبل رمضان هذا العام او رمضان في الاعوام السابقة. وفي كلتا الحالتيْن، النعت المتصل بالنضال، اي "السلمي"، يحيل الى انّ النضال لم يكن سلميا في احدِ الزمنيْن. وفي هذا الصدد اتفقَ اصحاب المذهب البنيوي على أسبقية النعت على المنعوت واسبقية العلاقات بين الكيانات على الكيانات ذاتها. ففي كل الحالات هي رسالة واضحة ان النضال النقابي لم يكن سلميا في وقت معيّن.

على كل حال، المقصود المؤكّدُ هو انّ النضال المضاف الى "طريق" -بما تحمله كلمة "طريق" من معاني التوجّه، المسار، الاستراتيجيا، الخيار،…- في المستقبل سيكون سلميًّا ولن يعود كما كان (غير سلميّ) في احدِ الزمنيْن اعلاه، كما جاء في ذات الجملة.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات