لأنّ الديموقراطيةَ تُرسّخ الديموقراطية…

Photo

ينتقد البعضُ العددَ الهائل من المترشحين الى الرئاسة الى حد المس من ذواتهم وكأنهم عبءٌ لا يُطاق، إلا أنني أرى عكس ذلك. ويكفي ان أشير الى التجارب الانتقالية حيث في الاستحقاقات الأولى كانت أفواج من المترشحين كل ينادي بليْلاه.

ففيهم من يرى في نفسه الاقتدار في تسيير البلاد والحفاظ على مقدراته ومناعته وهذا حقّه، وفيهم من يتطوع صدقا للمساهمة الفعلية في الإسراع بالانتقال، وفيهم من له مهمة إفشاله، ومن بينهم من لا علم له بالتحديات وصعوبة المهمة أصلا، وفيهم من استصغر قامة التونسيين واستنقص وعيهم للتحيل عليهم...

حقا كلهم لا يتساوون. لكن في ذلك تنوّعاً يوحي بفسيفساء لوحةٍ جميلةٍ متنوعةٌ ألوانها، والأجمل هو انّ كلّ لون يتجانس مع الآخر معلنا قبوله به.

يتمتع بالتأمل فيها من عاش ماضيا قريبا حيث يُقاسُ أملُ الحياة للفرد الواحد بعدد الرؤساء الذين عاصرهم والذي لم يكن يتعدى الواحد والنصف. يقارِن بين الحاضر الباعث على التفاؤل وبين حقبةٍ كان فيها الرئيس "المنتخبُ بالأغلبية الساحقة" معروفا منذ أدائه للقسم الدستورية الأولى ومنذ أن قال كلمتيْ السرّ "أتولى"، و"الوضع دقيق".

يعيش عمقَ الحدث وكأنه حقا "عرسُ الديموقراطية"، مصطلح أفرغه من فحواه مع الأسف زبانية التسطيح وإعادة توالد النظام على حاله…

فليكن عددُ المترشحين في ارتفاع، وليكن التونسيون ساهرين على مستقبل بلدهم بتنصيب من سيكون رئيسَهم جميعا، سندا لهم عند الحاجة ووقايةً من الرجوع الى الوراء… وبالنهاية، كما تبينه التجارب المقارنة، ستتثبت الديموقراطية وسيتقلص عدد المترشحين عبر تكرار الفعل الانتخابي، لأنّ الديموقراطيةَ تُرسّخ الديموقراطية، الى ان يصمد الأصلح في آخر المطاف.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات