مبروك لتونس بهذا الانجاز. مبروك للفائزين وحظا أوفرَ للبقيّة…

Photo

لا أريد التحدّث عن التعثرات الإجرائية في تشكيل الحُكومة باعتبار التشتت في نتائج الانتخابات التشريعية، ولكن مع احترامي للآراء والانتماءات – وبدون اعتبار المواقف العاطفية أو الجانبية في قراءة نتائج الانتخابات، لا أعتقد أن هناك اختلافا جوهريا بين الأحزاب حو التحدّيات "الاقتصادية والاجتماعية" التي هي "أولويّة الأولويات" لأن النجاح فيها ضمان لنجاح مسار الدَّمقْرَطة، وذلك بالنظر الى تصريحات السّياسيين بمختلف انتماءاتهم أو الى ما توفّر لي عبر الإعلام من معلومات حول برامجهم الاقتصادية والاجتماعية.

أمّا فيما يتعلّق بالتّصنيفات الأيديولوجية التي قد تحُول دون الالتقاء حول "القضايا الاقتصادية المحضة" التي يمكن (ومن المفروض) أن تجمع بين التونسيين، فإني أعتبرها مُفتعلة ومدفوعة إمّا بخلفيات ثمانينات القرن الماضي، أو بتجنّب بعض النّخب السّياسية عن الثنائية الحقيقية الجامعة وهي "الفقر/الغناء" وتداعياتها على كرامة التونسيين واستقرار البلاد وازدهاره.

وفي كل الحالات، فانّ أغلب التونسيين، وهم شباب، لا يهتمون بهذه الصّراعات الأيديولوجية ولا تملي عليهم عقلانيتهم إحياءَ جدالات قديمة بالرجوع الى عصمت سيف الدولة وروزا ليكسمبوع وعلي شريعتي وميشال عفلق ووحيد الدين خان ولافارج صهر كارل ماركس... بل لهم تحدياتهم وأحلامهم التي رسموها بوعيهم.

هذا، وإذا أخذنا بالاعتبار التوجهات العامة في الاقتصاد العالمي الذي ليس في أحسن حالاته بصعود "الاقليميات" و"الحروب التجارية" و"تداخل الاقتصادي في السياسات الخارجية" وما ستُلقيه بظلالها على الاقتصاد التونسي الذي بدوره يمرُّ بهشاشة وضعف ليس لهما نظير في العقود الماضية بما في ذلك ضعف المالية العامة، ومحدودية أداء السياسات النقدية ونظام سعر الصرف، والتنمية في الجهات والتوظيف وادارة مقدرات البلاد.

وفي هذا السّياق، ليس لكل الأطراف الفاعلة سواءً في الحُكم أو خارجه اختيارٌ سوى الالتقاء حول المسائل الاقتصادية وتحييد ايديولوجياتهم، والاستفادة من مواقع ضعف المراحل السابقة– إذا ارادت أنْ تقيس مدى وعيها بخطورة الظرف وبمتطلبات مسار الدّمَقرطة.

فقد اثبتت الدراسات الحديثة أنّ نسبة الضريبة ترتفع ونسبة النمو تنخفض ومؤشر جيني للتفاوت الاجتماعي يرتفع كلما تشتتت الأطراف السّياسية! وما عليكم الا أن تلاحظوا ذلك في الفترة الماضية حيث تعطّلت الإصلاحات ومشاريع القوانين ومحاربة المتهربين، ولم يتوسّع المجال المالي للدولة فارتفعت الضرائب وأسعار المحروقات بدون سبب مُقنع وتعطّل مسار النمو وتوسع العجز التجاري...حيث كان بعض الوزراء يبحثون عن موطن انتصار واهم ولعضهم الاخر يصرّف أفعاله في المُستقبل غير المؤكد..

وعلاوة على ضرورة أن يكون البرمان مساهما في التوازن المؤسّسي تجاه الحكومة والرئاسة، فمما أدعو اليه باختزال شديد هو أن يكون تشكيل الحكومة القادمة،

- حول برنامج اقتصادي معقول، فيه شوطان: اصلاح القديم وبناء الجديد. (يحتاج الى تفصيل).

- مُطعّما بالخبراء الوطنيين من أهل البلد ذوي المستوى العالي (والذين هم موجودون هناك في تونس) في مجال الاستراتيجيات التنموية الحديثة، وفي السّياسات الماكرواقتصادية وفي التجارة الدولية وفي القطاعات (الطاقة، المالية، التكنولوجيات الحديثة، الصّناعة، الزراعة والمياه، التعليم، الصّحة، والبيئة).

- تتّجه مباشرةً نحو بناء القدرات المؤسسية الشاملة (يحتاج الى تفصيل) والارتقاء بحوْكمة السياسات العامة وجعلها من الأولويات.

مع الإشارة الى أنّه،

- لو لعبت المعارضة دورا سلبيا بتعطيل الإنجازات الممكنة بهدف تسجيل نقاط سياسية على حساب التونسيين، و

- لو بقي بعضٌ من الاعلام في الدور السّلبي بالحديث في كلّ المجالات بدون علم، وباستهلاك المُفردات والمصطلحات وتعويمها، وبصناعة الشخصيات غير المتخصصة، وبالبحث في ذوات الأشخاص لا أفكارهم، وبتغييب المواطن عن القضايا التي تعنيه حقيقةً،

لن ينجح جوزيف ستيغليتس ولا سبنسر ولا جيمس روبنسن في رفع التحديات....

على كل حال،

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات