عن أي تبريرات نتحدّث؟…

منذ اعتمادها عام (2016)، كان من المفروض ان تتصاحب قاعدة التعديل الآلي (Automatic Adjustment Rule, AAR) لأسعار المحروقات الموجّهة للاستهلاك النهائي بآليّة تحويلات مباشرة للمستحقين حتى أنّ بعض الدول مثل إيران بدأت بتوزيع التحويلات قبل اعتماد الالية.

وهذا ما ورد في التجارب العالمية وكذلك في الادبيات التطبيقية لأنّ الهدف منها هو-من وجهة نظر السوق المُعتمدة- (1) تقليص تشوهات الأسعار للارتقاء بأداء استعمال الموارد الطاقية، (2) إرساء نظام دعم أكثر عدالة من وجهة نظر الفئات الاجتماعية المُستهلِكة حسب وضعها في السلّم الاجتماعي، (3) تجنّب انزلاق العجز العام الناجم عن ارتفاع أسعار المحروقات في الأسواق العالمية أو لانزلاق الدينار.

الاّ أنّ القائمين على الشأن العام لم يعتمدوا هذا "الباكدج" من (1) تعديل أسعار المحروقات وفي نفس الوقت (2) إعادة التوزيع بالتحويلات المباشرة للمستحقين.

ومن المفارقات أنّ اعتماد الآلية (AAR) -بدون التحويلات- كان دائمًا في (1) بداية الدورة النيابية وليس في نهايتها (حكومة الشاهد، حكومة بودن)، (2) في غياب مقاومة شديدة لقرارات السلطة التنفيذية (بداية حكومة الصّيد، حكومة بودن)، (3) عندما يضيق هامش مناورة الدولة في تعبئة الموارد (حكومة بودن)

وأمّا عن التبريرات، فهي:

(1) أنّ "عملية استهداف المستحقين تحتاج الى عمل طويل" في حين أنّ العملية -حسب التجارب- ليست بهذا التعقيد المصطنع وليس هناك في العالم دولة استطاعت أن تستهدف المستحقين بالطريقة المُثلى والنهائية، ولا يمكن أن يكون الاستهداف ثابتًا باعتبار إمكانية تحوّل بعض الفئات الاجتماعية من "غنية الى فقيرة" والعكس وارد. بل يجب أن توضع بعضُ المقاييس المتاحة للاستهداف ثمّ يتمّ تحديثها كمّا وكيفا.

(2) أنّ أسعار النفط الخام تجاوزت الان 90$ في حين أنّ السعر المُعتبر في الميزانية (الافتراضية) كان 75$، وأنّ الزيادة بدولار واحد ينجرّ عنها 140 مليون دينار سنويّا. فلا تعليق على هذه العلاقة الاحصائيّة لأنّها غير دقيقة (تحتاج الى تفصيل)، لكن يمكن القول بأنّ فرضيّة 75$ لم تخضع لاىّ عمل فنّي جدّي في التقديرات وأنّ المرجع هو "العجز الأصلي المُعتبر في الميزانية" الذي هو في حدّ ذاته "افتراضي" وغير "جدّي".

وأمّا عن تداعيات ارتفاع أسعار المحروقات فإنّها بطبيعة الحال تضخّمية باعتبار ارتباط قطاع المحروقات بكل الأنشطة الحيوية، وهو عامل يُضاف الى الموجة العالمية التضخّمية، ولذلك ستواجه السياسة النقدية مصاعب إضافية وجب أخذها بالاعتبار وقد تكون تداعياتها سلبية - طفيفة على الاقل- على النمو في المدى القصير.

بالنهاية، المشاكل الاقتصادية ليست منعزلة عن بعضها ولا يمكن مواجهتها فرادا، وانّما الكياسة تكمن في القدرة على التحكيم بين -مع الاسف- السيئ و الأسوأ.

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات