السيستام : الناس على دين ملوكهم

Photo

كلمة "سيستام"، هي مِثل عديد من الألفاظ الأخرى التي تم تداولها في الفضاء العام بدون الدقة الكافية. فهناك من يقصد بها "الفريق الحاكم الحالي"، ثمّ يوظّف فكرة "رفض السيستم" ليفسّر أو يدافع عن بروز "مجموعة بديلة للحكم"، وهناك من يقصد بها "الاستابليتشمنت" بالرجوع الى بداية استعمال الكلمة، أي في بريطانيا خلال القرن الماضي حيث تعني (هذه الكلمة) جملة القيم الاجتماعية والثقافية وبالتالي السلوكية السائدة صُلب المؤسّسة الرّسمية وخارجها. ومنه، "خارج الاستبايتشمنت"، اي الذي له تحفظ تجاهه ويعني التحرر من هذه القيم التي أصبحت تمثل قيودا ضد الإبداع والتحرر.

وفيهم من يعتبر السيستام "المنظومة العميقة الحاكمة فعليا وما يدور في فلكها من أصحاب المصالح ومن قواعد يتوالد وفقها على نفس الشاكلة". وقد يكون هذا الفهم على معنى حَمْلة الرئيس الأمريكي الحالي ترامب الذي أُخذ على أنّه خارج الاستبايتشمنت، الاّ أنّه دخله منذ البداية ولم يغير فيه شيئا سوى طريقة الخطاب والتعامل مع الاطراف الاقتصادية والسياسية المحلية والدولية مع اعتماد سياسات تولي الأولوية لمصلحة منتخبيه الآنية.

اعتقد انّ الذي يستعمل كلمة سيستام او "استبايتشمنت" بدعوى التموضع داخله او خارجه لا يستطيع ان يكون على مسافة منه طالما لم يطرح ولم يفرض/يطالب بـــــ "قاعدة جديدة لتوزيع الرّيع الاجتماعي" التي تختزل كل مظاهر التعامل معه من أدقها الى أبرزها.

وأما إذا قَبِل بــــالسيستام كمُعطىً، فذلك يعني أنّه ظل يتعامل مع نفس قاعدة توزيع الريع المُعتمدة. ومن المهم الإشارة الى ان هذه القاعدة فيها ما هو "رسمي مُعلن" (القانون) وفيها ما هو غير رسمي" (موازين القوى والتفاهمات في آخر المطاف). ويُفرز تطبيق كليهما "قِيَما" مُعينة يقتدي بها كلّ الناس أو أغلبهم، لانّ "الناس على دين ملوكهم، والضعيف يقتدي بالقوي". (ابن خلدون). وما عدى ذلك فهو من قبيل الأدبيات الإنشائية…

ملاحظة : لكلمة "سيستام" في الأدبيات المتخصصة معانٍ اصطلاحية متعدّدة (نظام، نمط، هيكلة، مجموعة)، لكن أفضلهم حسب تقديري هو الذي يجمع بين "العناصر/الهياكل/المؤسّسات" و "نوعية النواميس" التي تسود العلاقة بينها وتحدد تطورها والتوازن بينها كما تُحدد كذلك توالد "السّيستام" برمّته واضمحلاله، مع أسبقية وعُلوية نوعية العلاقات/النواميس على العناصر..

ومن يريد أن يستهدف تغيير السيستام وعيا بضرورة ذلك، فما عليه إلاّ أن يستهدف اوّلا تغيير النواميس التي تسوده لا مُكوناته، والاّ فهو باقٍ حيث ما هو، مثل "جميل" عندما كان يتغزّل "ببُثيْنةَ" علنًا لكيْلا يصل اليها…

Poster commentaire - أضف تعليقا

أي تعليق مسيء خارجا عن حدود الأخلاق ولا علاقة له بالمقال سيتم حذفه
Tout commentaire injurieux et sans rapport avec l'article sera supprimé.

Commentaires - تعليقات
Pas de commentaires - لا توجد تعليقات